الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

من خواطر البحر...3


ليس ركوبُ البحر متعة وسياحة كما هو شائع عند كثير من الناس،هناك خلْط فادح بين البحر والشاطئ ،الشاطئ جميل ومسالم و"مُستقر" أما البحر فهائج ومضطرب وكئيب في أغلب حالاته.
وعلى من اُبتلي بركوب البحر أن يصمد فلا يجزع، إذ ما فائدة الجزع والسلبية وقدرك الاشتباك مع واقع لا مناص منه، ثم ليفتش بعد ذلك عن ميزة من مزايا البحر -على قلتها- ليدفع بها شرَّ ما سيناله منه، وهو-لاشك- كثير.

لقد ركبُتُ البحر هذه المرة وفي رأسي تأملات وأسئلة كبيرة لم أجد لها متسعا من الوقت، فعلى الأرض "زحمة" خانقة لا تترك مجالا للتأمل أو التفكير المتسع، وقد اكتشفت من رحلاتي البحرية أن ركوب البحر يمنحني-أحيانا- ميزة نادرة لا أجدها على الأرض/المكان1
تلك الميزة أسميها "الانفصال عن المكان" أي الإفلات من "قبضة"  الأرض بتفاصيلها التي لا تنتهي ويومياتها المزدحمة وخلق مسافة آمنة بيني وبينها لأعيش تجربة الانفصال تلك بخصوصيتها وما تمنحه من فرصة للتأمل الهادئ،تماما مثل ذلك الطائر البحري الذي هبَطَ خطأ على ظهر سفينتنا وهي تقاوم أمواج المحيط وأصبح عاجزا عن الطيران،سألت أحد البحّارة مستغربا: ما بال هذا الطائر ما الذي أقعده عن الطيران،هل هو مصاب؟ لفَّ لي في ضحكة تهكمية إجابته عن السؤال،والتهكم عادة من عادات هذه "الكائنات" التي تسكن البحر حين تسألها تلك "الكائنات" القادمة من الأرض، أجاب البحار: ليس مصابا بأي شيء، وهو في حالته الطبيعية، لكنه لا يستطيع الطيران إلا حين يلامسُ بريشته ماء البحر!حين ترمي به إلى البحر ستراه طائرا في السماء كبقية الطيور!! وفعلا حدث الأمر تماما كما أخبرني ذلك البحّار،حين دفعناه منْ عَلىَ ظهر السفينة إلى البحر عاد للتّحليق و للطيران!!.
تعجبتُ من الأمر كثيرا ووجدتُ بعض التشابه بيني وبين ذلك الطائر،فكلانا انفصل ولو مؤقتا عن المكان،البحر بالنسبة له والأرض بالنسبة لي،لكننا اختلفنا في التعامل مع اللحظة،سيطر الخوف عليه حتى أقعده عن الطيران رغم أنه سليم الأعضاء ولا فرق بينه وبين الطيور التي يراها تحلق فوقه،أما أنا فقد أتاح لي انفصالي -المؤقت-عن المكان/الأرض القدرة على "التحليق" بعيدا عن يوميات الحياة وتفاصيلها الصغيرة التي لا تنتهي.
والانفصال عن "الشيء" وخلق مسافة دونه عادة قديمة قبل ركوب البحر(الجديد الآن هو استثمارها والاستفادة منها) فقد كنت أثناء دراستي للفيزياء في مرحلة الباكلوريا وبعد ذلك في الجامعة أضع مسافة بيني وبين تلك المادة، وأحاول أن أنفصل عنها وأنظر إليها من الخارج، وكنت ألوم زملائي الطلاب على طريقتهم في الدراسة حيث تستغرقهم المعادلات ويتيهون هناك في "الداخل" دون أن يمنحوا أنفسهم فرصة للتأمل، أو ما كنت أسميه حينها"المراجعة الحكيمة" لكن تلك "الحكمة" للأسف سأدفع ثمنها بعد ذلك غاليا،فلم يستطع عقلي الصغير آنذاك - ولا يزال صغيرا بالمناسبة- أن يستفيد من تلك المنهجية المتطورة في المراجعة، كل ما حصل هو أنني خلقتُ عداوة بيني وبين الفيزياء و"انفصلتُ" حقيقة لا مجازا عنها وعن مادة الفلسفة التي كنتُ أتعامل معها بنفس المنطق،فكانت نتائجي فيهما متواضعة جدا وضعفت علاقتي بهما، وهو ما أعاني منه اليوم بحُسبان أن الفلسفة والفيزياء بما تتيحانه من منطق فلسفي وعلمي تساعدان كثيرا في التعامل مع هذا "الاجتياح" التأملي الذي يحدث معي أحيانا حين أركبُ البحر وأضع مسافة بيني وبين الأرض.
عندما أكون في البحر على ظهر السفينة فإن علاقتي بالسماء تكون قوية ومثمرة،حين أقلب بصري بين زرقة السماء المتسعة وزرقة المحيط الهائلة تولد الأفكار، فليست هناك تفاصيل كثيرة تلهو بها النفس، ففي ذلك الفضاء تختفي "تفاصيل" الأرض و"أشياؤها" الصغيرة، هنا فضاء الأشياء الكبيرة،لم يعد هناك شاغل عن التفكير، لا بديل عن التفكير والتأمل، ساعتها يبدأ شريط الحياة ومحطاته البارزة، لماذا؟ كيف؟ ومتى كان ذلك؟....و تتبلور الخلاصات.
أما حين أكون على "الأرض" فنادرا ما أنظر إلى السماء،وأذكر هنا أنه خلال هذه السنة التي أو شكت على أن تودعنا، لم أوُفّق للنظر ناحية السماء إلا مرتان، الأولى حين قرأتُ تدوينات لبعض الشباب في "الفيس" يتحدثون فيها عن جمال القمر وبأنه تلك الليلة في قمة الروعة،الثانية حين قرأتُ خبرا من تلك الأخبار العلمية التي يصعبُ علي دائما تصديقها بسهولة -ربما لعلاقتي العدائية بالفيزياء- يقول بأن القمر سيظهر الليلة أكبر من حجمه المعتاد بنسبة 14% كما سيزداد بريقه بنسبة 30 % مقارنة بباقي أيام السنة ، خرجت من المنزل تلك الليلة لأرصد الحدث وقد أدركتُ القمر في نهاية "دوامه" يستعد للمغادرة،و يقتفي خطى الشمس كعادته في "مطاردة" أبدية لا تتوقف.ولم ألاحظ شيئا جديدا!
خارج هذين السياقين لا أذكر أنني خلال الأشهر الماضية التي كنت فيها في قبضة "المكان" قررت أن أتوجه ببصري إلى السماء بمحض إرادتي والأخطر من ذلك: لا أذكر أنني أخذت وقتا للتأمل بهدوء في قضية معينة خصوصا تلك القضايا الكبيرة التي تستحق التفكير المتروي.
إننا في عصر خِلْو من التأمل والتدبر والنظر، استغرقتنا وسائل الإعلام والتواصل بجديدها الذي لا يتوقف ولن يتوقف بطبيعة الحال،وابتعلتنا الحياة بتفاصيلها التي لا تنتهي، وإذا صح فعلا ما يُقال من أنَّ "الشيطان يكمن في التفاصيل" فإنني أرى عددا هائلا من الشياطين ومن مختلف الأصناف كامن بقوة في حياتنا المعاصرة بحكم ما فيها من تفاصيل،على أن البحر ليس خُلُوًّا من الشياطين بل أنا ممن يرى أنه مملكة الجن على هذه الأرض منه ينطلقون وفيه يتكاثرون وتلك -على كل حال- قصة أخرى تحتاج إثباتا من نوع خاص.
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم.
---------------------------------

1.استخدام كلمة "الأرض" للتعبير عن المكان هنا ليس استخداما علميا بطبيعة الحال،وإلا فالبحر جزء من الأرض وبالتالي رقعة من المكان،لكنه استخدام اصطلاحي للتفريق بين الاثنين، وقد وجدتُ في ما مضى صعوبة بالغة في إقناع والدتي بأن البحر جزء من الأرض وبأنه ليس منفصلا عنها،وبأن قاع البحر له نفس تضاريس الأرض من جبال ومرتفعات وحفر ومنخفضات.

الأحد، 10 نوفمبر 2013

معايير مغلوطة

هناك من يريد لنا أن ننفض أيدينا من كل معيار ديني مثل التقوى والخشية والخوف من الله أثناء الحديث عن المرشحين بحجة أننا بصدد أمر دنيوي ينبغي أن تكون معاييره دنيوية مادية مثل الشهادات والخبرات الفنية والدورات التكوينية ...الخ.
هذه خدعة كبرى، فنحن أمة مسلمة لها معايريها التي تزن بها الأفراد ومن أهم تلك المعايير: التقوى،صحيح أن الله وحده هو المطلع على حقائق النفوس وهو أعلم بمن اتقى ولكننا مطالبون باختيار الأتقى والأخشى لله،لاينبغي أن تنخدعوا بهذه الحجج إنها لاتنتمي لثقافتنا ،من يقول لي أن الآخرة مأزق فردي وأن التقوى خاصة بصاحبها ولا علاقة لها بالشأن العام ولاينبغي أن يكون لها دخل في اختيار الناخب هذا أساس غير سليم يؤسس لفصل حقيقي بين الدين والحياة،انتخبوا الأتقى والأخشى لله والأصلح من حيث المعايير الأخرى للمسؤولية وليست هذه التقوى خاصة بحزب أو جماعة ولايمكن أن يقول بذلك إلا مغفل جاهل.وهناك سمات وصفات لأصحاب هذه الأخلاق في معاملتهم مع الناس ، في أسفارهم وتعاملاتهم.

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

هل تستحق؟

بالأمس حضرت جلسة لنقاش البرنامج الانتخابي لبلدية انواذيبو في مقر حزب "تواصل" في انواذيبو وبعد نقاشات معمقة مع أصحاب الشأن والعارفين بأحوال البلديات وبعد أخذ ورد استمر ساعات طويلة خرجت بخلاصة وهي أن البلديات لا تستحق كل هذا التعب والجهد والمال الذي ننفقه في الحملة الانتخابية ويتأكد الأمر بشكل خاص في بلدية انواذيبو التي أخذت المنطقة الحرة كل صلاحياتها المحدودة أصلا،سيختصر دور البلدية على ثلاثة مجالات أساسية:الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية وفي كل هذه المجالات يقتصر دور البلدية على توفير البنية التحتية لا أكثر و لا (أقل) وهذا القليل تتربص به السلطات الحاكمة فبإمكانها تضييق وتجفيف مصادر الميزانية البلدية فليس هناك قانون واضح يحمي ذلك ... هذا السؤال يقودني لسؤال آخر أكثر الحاحا : هل تستحق الانتخابات المحلية (النيابيات والبلديات) كل هذا الجهد وهي في النهاية محدودة الصلاحيات قليلة الفائدة؟؟؟ كأن المشكلة عندنا في أساس البناء الديمقراطي المشوه،لا في الممارسة الديمقراطية ذاتها.نحن ننتخب ونتنافس ونرشح وفي النهاية لا نستطيع أن نفعل شيئا ذا بال يخدم هذا الوطن المحتاج.

الأحد، 3 نوفمبر 2013

ماذا تعني لك الصورة؟

تشجيعا لثقافة التأمل والكتابة المتأنية ،سألت مجموعة من الأصدقاء في الفيسبوك،ماذا تعني لك "الصورة"؟ فأجاب كل واحد منهم-مشكورا-بكلام جميل يستحق الـتأمل والقراءة أكثر من مرة.

--------------------------
محمد سالم أحمد: الصورة شيء جليل لم يدركه على حقيقته إلاّ الأوائل، الذين كانوا يأخذون أبناءهم يوم العيد ليصوروهم فقط.
وسبب جلالها، أنه شيء مركب من الواقع الذي لا يلبث -في الصورة- حتى يصير ماضيا وكذا الخيال الذي يمتد عبر الزمن رغم انحباسه في ذلك الإطار الضيّق.
لكن هذا الجلال أخذ منه توفر الكاميرا مجانا مع الهاتف النقال كل مأخذ وصيّرهٌ على أعتاب الوفرة القاتلة.
لو أن هذه التقنيات وُجدت في زمن أمرئ القيس لما أجاد كما أجاد في شعره، ولو أن الفُضيل رآها لمات خوفا من يوم الحساب.
----------------------
محمد ولد إدومو: الصورة هي تواطؤ بين اللحظة والمكان ورغبتهما المشتركة في المكوث والخلود بمعزل عن عوامل التعرية وعاديات الزمن وناموس التغيير الذي يلعب بأوراق الزمان والمكان كل طرفة عين. ولأن الذاكرة عادة ما تصاب بالعقم في ريعان الحضور فإن الصورة هي ابنتها بالتبني لها تبوح بأسرارها، عليها تلقي تفاصيلها الصغيرة، وفيها تخبئ مفاتيح الحكايات ورموز الأزمنة وإحداثيات الأمكنة؛ كي تعيد اكتشافها حين يعم الضباب ذات شتاء. ولأن الصورة ابنة وفية فإنها تنفخ في الذاكرة روح البقاء كلما اجتاحتها جيوش الغفلة وغطاها رماد النسيان.
------------------------
الشيخ أحمد البان: الصورة هي محاولة الإنسان للاحتفاظ بأكثر ما يمكن من زمن عابر لا ينتظره، إنها تعكس إحساس الإنسان بالضعف أمام قطار الزمن الهارب، إنها تشبث باللحظات المضيئة في حياتنا، اللحظات التي نتمنى لو تدوم فنعجز عن ذلك فنغالب زوالها بالاحتفاظ بصورها الميتة أو الحية في الارشيف.
------------------------
عبد الله سيدي محمد: الصورة وسيلة تعبير مؤثرة .. لها قدرة خاصة على رسم أبعاد الجمال في الكون.. و فيها قوة خارقة لكسر جدار الصمت و تجاوز أسوار الخوف و إيصال الرسائل المحاصرة وراء الجدار، الصورة أيضا انعكاس ل"الضوء" على الذكريات.
--------------------------
ازيدبيه لمام: الصورة هي توثيق لمراحل الحياة ونقاطها البارزة ولحظاتها السعيدة.. وهي تساعد الذاكرة في استرجاع الزمن الغابر والأيام الخوالي .. وتعطي للشخص فرصة الملاحظة على نفسه من خلال المقارنة والقياس.
------------------------
خليهن ولد محمد الأمين:الصور هي أصدق تعبير عن الحقيقة، وهي ترجمة لمجموعة القيم والمشاعر التي تعتلج في نفس صاحبها .. فكل إنسان تستطيع أن تقرأه من خلال صورته.
---------------------------
ابراهيم البار: الصورة تترجم عبارة "enregistrer"
أي أنــــها الإحتفاظ بــــ"شانتيوه" من لحظات جميلة يذكر بها ويسترجع جمالها في لحظات التذكر والسباحة في "آلبوم" الماضي
وأقترح على من لا يمتلك آلة تصوير أن ينحو نحوي في تسجيلها من خلال "كأس شاي" بشرط أن ينوي "التسجيل" عند صناعته وعند ارتشافه ،ومن لا يعشق الشاي فعليه ب"التصوير" بما يعشق ك "مسك" أو "شوكالا" أو حتى "رائحة بصـــل"
الهم أن نســـــجل لحاظاتنا الجميلة حتى نرجع إليهـــا أيام "الوحشة" والتذكر فهـــي الزاد الحقيقي في هذه الأيــــام النكدة.
------------------------
حبيب الله ولد أكاه: الصورة تكبح جموح الخيال،واقع اللحظة أكثر من مجرد تلك الفوتونات التي تترجم الضوء لقرنية العين.. فكيف نختصره بها، و لذلك لا أُكثِر من الصورة، و إن كنت لا أعارضها أبدا، فثمّ لحظات تقتضيها
ربما أيضا تجب مراجعة القول أن "الصورة تساوي ألف كلمة" بشيئ من النقد.. فهو قول قد يكون له وَجاهة في الميدان الخبَري.. أما المجال الإنساني الذاتي، فالله أعلم
------------------------
محمد سالم محمد عبد الله:الصورة توثيق اللحظة وقراءة الماضي لاستنشاق عبير الأيام الخوالي والتزود بها للإستبصار ... حدثت حادثة كان يامكان.
-----------------------
مريم منت اليدالي: لست أدري،ربما يكون هذا أقرب إلى محاولة لشرح الفعل التكنلوجي Take a picture وتبسيط فهم تلك الممارسة .. إننا لا نزال نتعثر في تحديد مفهوم الصورة الأدبية رغم عتاقة هذا المبحث وسعة مجاله لارتباطه بالمعنويات والفترة الطويلة التي مُنحت له ليعالج في مطبخ الأدب .. الصورة - التي تقصد أنت - ذات إشكال تعريفي منذ عصر الرسامين إلى عصر نسيفور نيبس إلى عصرنا عصر الانفجار التصويري .. أما أنا فإنني عاجزة عن التعبير عنها بأكثر من القول : الصورة هي لحظة زمانية مكانية خاصة .. وهي أفضل من تعبر عن نفسها.
--------------------------
محمد عبد الله لحبيب: الصورة هي أنا يوم التقاطها، إنها تردني إلى لحظتها،،،، بكل التداعيات الممكنة: موعظة، إحباط، فرحة، شبع، ري، انكسار....
-------------------------
أحمد محمد المصطفى: هي جزء من معركة الإنسان والزمن، نقطة من النقاط التي كسبها الإنسان... تحمي بعض أبعاد "اللحظة" أو الحدث من السير بالطريقة الاعتيادية، تبطؤ سيره وأحيانا توقفه... لكن الزمن يظل أقوى، حيث تظل الصورة عاجزة عن نقل كل أبعاد اللحظة كما كانت في الأصل، وفي كل الأحوال يظل الزمن لها بالمرصاد لتطالها يده ولو بعد حين...
-------------------------
محمد جبريل: الصورة ..نظرة من الذات إلى الذات "وفي أنفسكم أفلا تبصرون "
-------------------------
محمد الأمين أحمد سالم: الصورة واقع منعكس في لحظة ما، واقع اقتنص فرصة البقاء كذكرى أو دليل لأشياء أكثر من حدود الصورة نفسها..
------------------------
محمد حيدرة مياه: الصورة.. وبعيدا عن التفسير العلمي اليابس.. هي نعمة ونقمة.. كما هي أشياء آخر هذا الزمان.. تمنحك الاحتفاظ بالجميل.. كما تذكرك بالواقع البائس... وهي أيضا محاولة للاحتفاظ بلحظات.. لاتقبل التكرار.."فثمة لحظات تتمنى أن تدركها من عمر الزمن تحنطها ليقينك أنها لن تتكرر"..كما تقول الكاتبة السعودية "نورا العلي".
------------------------
أحمد سالم أحمد: الصورة محاولة يائس لحبس لحظة إحساس عاشها في زمان ومكان ما، الصورة صناعة وعي ورسالة وهدف، الصورة كلام بدون لسان وكتابة بدون أحرف الصورة لغة وجدان ، الصورة تقرير لا يحسن قراءته إلا أصحاب الحس المرهف، ولأني مهتم بمجال الصورة أرى كل صورة التقطها فلذة كبد ترسم أبعادا جديدة كلما نظرت لها أدركت حجم متناقضات الحياة، طفل يلعب ببراءة في بركة ماء وهو في منتهى السعادة وهناك على حافة البركة يجلس والده وفي رأسه هموم الدنيا ثم لا يمتلك إلا أن يبتسم لابنه.
------------------------
الخليفة العتيق: ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﺗﺧﻠﻴﺪ ﻣﻠﻤﻮﺱ ﻟﺰﻣﺎﻥ و ﻣﻜﺎﻥ و ﺗﺠﺴﻴﺪ ﻟﻤﺤﺴﻮﺱ ﻗﺪ ﻟﺎ ﺗﺘﺎﺡ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺠﺴﻴﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻴﺤﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻟﺤﻆﺔ ﻣﺎ.
محمد ولد الناجي: لايمكن التقاط صورة لكامل الحياة ولكن خلف كل صورة من الحياة حكايات حتى تكتمل الحياة لأجل هذا نلتقط الصور ،الصورة هي عنوان الحياة وكل انسان هو صورة لحياته.
---------------------------
محمد عبد الرحيم: الصورة جزء من كيان اللحظة الحية، احتجاز معين لوهلة عمر تستحق أن تحفظ بعيدا عن الضياع و ملفات الذاكرة المتبعثرة، الصورة هي تلك النافذة التي يصنعها الحاضر لتطل على الماضي من المستقبل، هي لقطة إحساس، بذل، عطاء، حب، نجاح، وفاء، إحباط، فشل، حياة، موت، صنع، تدمير، تخطيط.. حفظ لميراث العين و العقل معا، تجسيد لواقع ينسحب بفعل الزمن في واقع لا زال الكل ينتظره، الصورة هي بإختصار ذاكرة الأيام التي لا تتأثر بعوامل التعرية البشرية، قادرة على تخزين آلاف المشاعر في كبسة زر أو رمشة عين، خالقة عالما مختلفا بكل التفاصيل.
---------------------------
أشكر الاصدقاء على تعاونهم معي ويمكن لبقية الأصدقاء أن يضيفوا من عندهم وصفا وتعبيرا آخر يضيف رؤية أخرى للصورة.

إليك ياعزيزي...

هنا ياعزيزي...الكلّ أعلن استسلامه وطرحَ سلاحه،بين من أنهكته مشاغل الحياة ويومياتها ومن أغرته الأحلام الواطئة بالمُكث...
هنا لا رجال بمعنى الرجال، هنا قرار جماعي بالموت البطيئ ...هنا لا يتخلّف أحد عن السّرب -حتى لا أقول القطيع احتراما لنا-.

هنا سائق الحافلة يعوزه من يدفعها للتحرك،بعد أن ضنّ عليه "الكبير" بمبلغ زهيد لشراء "بطارية محرك".
كم هو مؤلم حدّ السخرية حين تراهم يدفعون بأيديهم البائسة حافلة أكثر بؤسا وارتماء في أحضان الضياع.
هنا يا عزيزي ذاتُ المكان وذاتُ الزمان وذاتُ الصباح الذي أسرعنا فيه الخُطى ناحية الشاطئ لنسرد أحلامنا بوثوقية الجديد ودهشته التي لا حدّ لها،لن أنسى يوم قلتَ لي والتسجيل عندي : هذه مرحلة من حياتي نحن فيها عابرون لا ماكثون،لكنني يا عزيزي أجدنا الآن وقد أطلنا المُكث واستقر بنا المقام واثّاقلنا إلى الأرض.
متى ينهض ماردُ الحلم والطموح فينا؟ ليرمي بهذه الخسارة الكبيرة ناحيةَ البحر فتغرق غير مأسوفٍ عليها تماما مثل تلك القوارب،وهي تطفو من جديد على السطح وقد اسودّت وتنكّر لها الزمان.
متى يا عزيزي نخطو خطوة واحدة لنموت "موتة واحدة" في حفرة "الوهم" الكبير، أو نعيش عيشة الكرام.
متى؟
ذلك هو السؤال الأبدي الذي لا يكفُّ عن صفْع خواطرنا "المبلّلة" بواقع بئيس، تماما كما يصفع الموج الهادر سُفن الصّيد ناحية "الرأس الأبيض" وهي تقاوم ثم تقاوم ثم تقاوم إلى أن انهارت واستوت في "جيوب" البعض مالاً "عذبا" لا "ملْح" فيه.
متى؟ ثم متى؟ ثم متى؟.
ذاك هو السؤال يا عزيزي ولا أرانا في حماس للإجابة عليه شغلنا عنه "شاغل".
تحياتي.

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

حي "الفاصلة".

هنا في انواذيبو، عشرات الأسر الذين تم طردهم من مساكنهم في حي "الجديدة" يوم تم هدْمه في اكتوبر 2010 في إطار مايعرف بتأهيل العشوائيات،لم يجد هؤلاء مأوى حينها فأشار إليهم بعض السكان (منهم أساتذة تعليم ثانوي) إلى أن انواذيبو توجد فيه قطعة أرضية تابعة لدولة "أوكرانيا" يمكن أن يتخذوها مساكنَ لهم.
وهكذا لجأت حوالي 70 أسرة إلى جمهورية "أوكرانيا" ولما استقرّ بهم المقام في أرض "أوكرانيا" (الشقيقة)، هاجمتهم قوات موريتانية وأخرجتهم من "منازلهم" بشكل عنيف و"احتلَّت" بعض قوات الحرس الوطني مباني "أوكرانيا" واتخدوها مساكنَ لهم ولأهلهم فيما بعد ولم تجد تلك الأسر -حتى الآن-تفسيرا لطردهم من تلك البناية واستقبالها لعائلات أخرى ليست قطعا في مستوى حاجتهم للمسكن.
ولاتزال عشرات الأسر تتخذ من بعض البنايات الخربة مساكن لها في انتظار أن تحل مشكلتهم حيث تسميهم السلطات المحلية هنا حي "الفاصلة" وهي كلمة من قاموس "الكزرة" نتيجة لبعض المداخلات التي تحدث عند تقسيم القطع الأرضية.
قبل زيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز لنواذيبو استدعاهم والي داخلت انواذيبو ووعدهم بتوزيع قطع أرضية قريبا، وطلب منهم ألا يطرحوا مشكلتهم أمام الإعلام ولا في "حضرة" الرئيس وحين غادر الرئيس وعادوا إلى السيد الوالي أحالهم الوالي للحاكم وبعد فترة طويلة من المتابعات مع الحاكم أحالهم الحاكم لرئيس المنطقة الحرة في انواذيبو (سلطة جديدة هنا في انواذيبو يُحال لها كل شيء -تقريبا-حتى "القمامة") وفي انتظار أن تحل تلك السلطة مشكلتهم يعيش هؤلاء على "أمل" يتضائل يوما بعد يوم، كيف لا وقد اختاروا لهم حي "الفاصلة" والفاصلة تعبير عن "جغرافيا متحركة" لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، سوف يكبر الأطفال الحاليون ويولد آخرون،سيأتي الرئيس ويعود،سينتهي موسم الانتخابات بوعوده الكثيرة وهم هنا في حي "الفاصلة" لسان حالهم يقول:لسنا سوى فاصلة في نص طويل من "الإنجازات وتأهيل الأحياء العشوائية"،فمتى تنتهي مأساة هؤلاء أو يكتشفون "نقطة" نهاية ذلك النص الطويل.
----------------------------------------------
أوكرانيا نسبة إلى مبنى غير مكتمل يعود لمشروع بناء مستشفى في انواذيبو من تمويل ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي وحين تفكك الأخير عام 1991 "ورثت" أوكرانيا ذلك المشروع من الاتحاد السوفيتي و"غنمته" قوات الحرس الوطني في انواذيبو واتخذوه مساكن لهم ولعائلاتهم بعد طردهم لتلك الأسر.

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

منّي إلى عصام سلطان.


ليس يوما عاديا يا عصام... وقد تعودت أن أبدأ بك وبصفحتك الخالدة قبل كل شيء.
قرأت وشاهدت خبرا يقولُ بالقبض عليك ! أنت وأبو العلا ماضي ،حزنت مرتين، مرة لأنهم غيّبوك عنا وحرمونا صوتك الجريء وقلمك الصادق، ومرة أخرى لأنهم يستخدمون كلمة لا تناسبكم: "القبض" وهل يقبض إلا على اللصوص ! ! ! و أنتم الشرفاء الأطهار الأوفياء.
أنا قلق وحزين، ليس حزنا من قبيل ذلك الذي يعبّرُ عنه "بان كي مون" في كل حين حتى أفقد الحُزن حزنه والقلق قَلقَه ، كلاَّ هو حزن كبير وقلق بالغ له من القلب محلُّ عظيم.
لعلك أيها الشريف لا تعلم أن شابا موريتانيا -في مدينة ربما لم تسمع بها- كان يتعلم منك، كان يقرأ من شجاعتك ووضوحك ووقوفك مع الحق، كان يرى فيك نموذج السياسي الذي لابد أن يتصدّر ويقود.
ليس السجن مكانك يا عصام، ولا مكان الشرفاء الآخرين الذين سبقوك إليه،كلا وكيف يكون السجن مكانك ياعصام وأنت أول من كتب بيانا للجمعية الوطنية للتغيير ،أنت الذي لم تترك الميدان طيلة 18 يوما في ثورة يناير وكنت محاميا لكل من عارض مبارك،ليس السجن مكانا مناسبا للمهندس أبو العلا ماضي من شهد بيته أول اجتماع لحركة "كفاية".
أنتم وأمثالكم من أصحاب سابِقةِ النضال والوعي والوفاء

والمبادئ مكانكم قيادة مصر والعبور بها إلى مرحلة جديدة تناسب التضحيات العظيمة لشعب مصر العظيم.
أعود إلى صفحتك ياعصام لعل "تغريدة" منك "تحلق" عنوة وفجأة من وراء القضبان،لعلها تفلت من بين جلادييك ،الذين غيبوك عنا وما درى هؤلاء أنك الحاضر بيننا، لكأنك كنت على موعد مع الاعتقال فكان آخر ما كتبتَ لنا خلاصة عميقة سنقرأها في كل يوم، نعم وقد اخترت لها عنوانا يلخّص كل شيء: "العملية السياسية" واخترت لها ختامًا لا بد من قرائته،لا بد من تدبره، حين تقول منذ 23 ساعة على صفحتك:" قد تطول عمليتنا السياسية ، وقد تتعثر لعقبات يصنعها خصومنا أو أخطاء منا لنقص خبرتنا ، وقد تتأخر بعض الوقت ، وقد تحتاج إلى تضحيات بالنفس والمال والحرية ، ولكنها السبيل الوحيد للتقدم ، ولا سبيل غيره ..
والفرق بين عمليتنا السياسة التى نتمسك بها ونعض عليها بالنواجذ وبين عمليتهم السياسية التى يدعوننا إليها ، أننا فى سياستنا أصلاء وفى سياستهم أجراء ! وأننا فى سياستنا أحرار وفى سياستهم تابعون ! وأن دائرة سياستنا هى وطننا كله ودائرة سياستهم هى بالكاد حسابهم البنكى أو التويترى ! وأن سياستنا شابة صاعدة واعدة طليقة من القيود وسياستهم هرمة شائخة آفلة على أعتاب القبور ! ولهذا السبب الأخير بالذات ، نحن على يقين بالنصر"
صدقتَ يا عصام:"نحن على يقين من النصر" ذاك آخر سطر وأول سطر،تحية لك وللشرفاء أمثالك: محمد مرسي،الكتاتني،حازم صلاح أبو اسماعيل،أبو العلا ماضي والبقية الأوفياء .
====

الاثنين، 22 يوليو 2013

قبر خالد.

النظام السوري الغاشم يدمر قبر سيف الله المسلول خالد ابن الوليد رضي الله عنه بعد قصفه بالصورايخ ، وتبرر قناة "المنار" ذلك بأن الضريح أصبح وكرًا للإرهاب وتم حفر الأنفاق تحته.
خالد ابن الوليد أعظم قائد عسكري في التاريخ الاسلامي فهل تستطيعون هدم ذلك التاريخ من قلوب الملايين أم هل تستطيعون "هدم" مقولته الخالدة:"ما ليلة تزف إليّ فيها عروس ـ أنا لها محب ـ أو أبشر فيها بغلام، بأحب عندي من ليلة شديدة البرد، في سرية من المهاجرين، أصبّح بهم أعداء الله" 
صدق الشاعر:
وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ ---فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنـهُ ---ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟--- فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا

الأحد، 14 يوليو 2013

د.رفيق حبيب يشخص الانقلاب في مصر

انقلب الجيش المصري على الشرعية الانتخابية في مصر، واحتدم نقاش كبير: هل هو انقلاب عسكري؟ أم موجة ثورية جديدة؟ أم ثورة تجُبُّ ماقبلها كما يرى ذلك المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، الفريق أحمد شفيق؟
ولأن مصر أم الدنيا حقا - كما يقولون- اشتبك الجميع من خارج مصر مع يوميات الشأن المصري وتداعيات الانقلاب متابعة وتقييما وتحليلا ،وقدم كل طرف رؤيته الخاصة لما يجري في مصر وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بالمحللين والخبراء والمتحمسين ، ولأنها لحظة حاسمة وخطيرة، ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي كله، يصبح البحث عن الكتابة الموضوعية العارفة بالشأن المصري أمرا ضروريا وهنا تبرز أسماء كثيرة ،ولكن -في اعتقادي- يبقى المفكر المسيحي : د.رفيق حبيب الأكثر قدرة على التحليل الموضوعي المستقل من أي انتماء ايديولوجي مستفيدا في ذلك من خلفيته البحثية الواعية ومسيرته الطويلة في متابعة ورصد الشأن المصري، وهو مايمكن التأكد منه بسهولة لمن يقرأ سلسلته الأخيرة التي حملت عنوان:"تحولات الدولة والمجتمع بعد الربيع العربي" والتي صدر منها حتى الآن أربعة عشر جزء ،تناولت بالتحليل الموضوعي المتزن الشأن المصري بعد ثورة 25 يناير وتداعيات التحول الديمقراطي وخصص واحدة منها للثورة السورية.
والكاتب د.رفيق حبيب هو مفكر وباحث قبطي نشأ في قلب الكنيسة الانجيلية لكن كتاباته وأفكاره مثلت إضافة تستحق القراءة والتأمل فهو يقدم نفسه على أنه أحد أبناء الحضارة الإسلامية ويؤكد في كثير من كتاباته بأن الشريعة الإسلامية هي صمام أمان للمسيحية في مصر في ظل شحن طائفي متزايد في مصر وغيرها من البلدان العربية ذات التعدد الطائفي ،وقد كان عضوا مؤسسا في حزب الوسط الاسلامي قبل أن يصبح في مابعد نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة قبل أن ينسحب منه ومن مؤسسة الرئاسة معللا ذلك بضرورة التفرغ لأبحاثه بعيدا عن أي دور سياسي ، ورغم ذلك حافظ الكاتب على نفس المنهجية الموضوعية حين الحديث عن الرئيس محمد مرسي وعن جماعة الإخوان المسلمين.
في دراسته الأخيرة "الانقلاب العسكري انتكاسة أم نهاية؟ "الصادرة في السابع يوليو 2013 بعد أيام قليلة على بيان القوات المسلحة المصرية الذي انهت به أول تجربة حكم مدني ديمقراطي في مصرمنذ آلاف السنيين،يقدم الكاتب رؤيته للمشهد المصري الحالي توصيفا واستشرافا للمستقبل ويقدم في بداية دراسته خلاصة أساسية يجيب فيها على السؤال المطروح بقوة هذه الأيام مؤكدا على أن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري حظي بدعم شعبي من قطاع من المجتمع وقد جاء ليحقق أول انتصار للثورة المضادة في مصر وليضع الربيع العربي كله في خطر، ويتناول الكاتب في عشرة عناوين رئيسة هذا الانقلاب العسكري بالرصد والتحليل.
المؤيدون للانقلاب:
يرى الكاتب أن الشرائح التي شاركت في مظاهرات 30 يونيو مطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة لاتتفق في الهدف بل إن بعضها لايعرف أهداف البعض الآخر وهي ثلاث كتل رئيسية:
الكتلة الأولى:عبارة عن المجموعات العَلمانية الرافضة للمشروع الإسلامي وأي ديمقراطية تأتي بهوية إسلامية للدولة المصرية وهي الكتلة الأصغر حجما لكنها مثلت الواجهة السياسية للانقلاب.
الكتلة الثانية: كتلة مؤيدة للنظام السابق تمثل الدولة العميقة وشبكات رجال الأعمال وتنظيمات البلطجية وهي بطبيعة الحال معادية للثورة وللتحول الديمقراطي وهي الكتلة الحاسمة والأكثر تنظيما وربما يأتي بعدها من حيث التنظيم الكتلة المسيحية والتي تمثل جزء من الكتل الداعمة للحل العلماني.
الكتلة الثالثة: هيكتلة غاضبة من تردي الأوضاع المعيشية وقد تم حشدها على ذلك الأساس وليس لدى هذه الكتلة مشكلة مع الثورة ولا حتى مع التيار الإسلامي وقد خرجت ظنا منها أن تغيير الرئيس سيحل المشاكل الحياتية التي تعاني منها.
الانقلاب المخطط:
يؤكد د.رفيق حبيب في دراسته أن الانقلابلم يكن عفويا بل كان مخططا له منذ فترة ليست بالقليلة من قبل النظام السابق ، عن طريق أجهزة الدولة العميقة في الشرطة والقضاء والجيش وأجهزة الأمن وهي الوحيدة القادرة في مصر على تنظيم مظاهرات حاشدة والقيام بانقلاب عسكري ، وقد جاء هذا الانقلاب كما يرى الكاتب استمرارا لمخططات سابقة فشلت ولم تنجح ويؤكد أن قرارالانقلاب تم اتخاذه قبل المظاهرات بعد رفض الرئيس محمد مرسي الاستقالة من منصبه أو البقاء والتنازل عن سلطاته كلها لحكومة من المعارضة العلمانية ، وهكذا يصبح النظام السابق بعد أن ظل القوة المسيطرة على الدولة والتي تقاوم التغيير وتعرقل مسيرة الديمقراطية يصبح بعد الانقلاب القوة الحاكمة الجديدة بعد أن أجهض الثورة مرحليا.
وقد قامت خطة الانقلاب على عدة محاور:
1. عرقلة جهود الرئيس والحكومة لحل مشاكل المواطنين ولتوفير قاعدة من الغضب الشعبي لتحقيق مخطط الانقلاب.
2. التركيز الواضح على أزمات السولار والبنزين والكهرباء لدورها الكبير في شل العديد من جوانب الحياة وقد تعاظم ذلك في الأيام السابقة لمظاهرات 30 يونيو ليتم حلها سريعا بعد خروج المظاهرات وهو ما يُظهر حسب الكاتب الحجم المفتعل للمشكلة.
3. بث الإشاعات للتأثير على الرأي العام وخلق حالة من التوتر في المجتمع.
4. شيطنة جماعة الإخوان المسلمين كأهم أدوات مخطط الانقلاب ووضع صورة مختلقة لها لدرجة جعلها متهمة بالقتل رغم أن القتيل منها ، وذلك لأن جماعة الإخوان في مصر تظل الأكثر تنظيما وشعبية ولكونها أيضا المنافس الأقوى للنظام السابق.
5. حملات إعلامية لتزيف الوعي وبث الكراهية لتعميق حالة نزاع أهلي تكون مبررا لعودة النظام السابق.
6. السيطرة على الصورة وتزييفها حيث أصبح هناك واقع على الأرض وواقع آخر على شاشات الفضائيات.
الدور الدولي والاقليمي:
كان الكاتب ممن يعتقد أن حدوث انقلاب عسكري في مصر هو احتمال ضعيف لأن الإدارة الأمريكية لن توافق عليه ولكن تقديره ذلك لم يكن دقيقا فقد تم تبرير الانقلاب بوجود مظاهرات رافضة للرئيس وأعادت المؤسسة الأمريكية نفس استراتيجيتها السابقة وهي استراتيجية التدخل العنيف إذا كانت السلطة السياسية في أي بلد لا تمثل حليفا لها عن طريق الحروب الاستباقية أو الانقلابات العسكرية، وقد تمالانقلاب العسكري بموافقة أمريكية ودعم عربي خليجي ويرى الكاتب أن أسباب الدعم العربي الخليجي للانقلاب العسكري في مصر كون هذه الدول تقف موقفا سلبيا من الربيع العربي فالسعودية مثلا لاتريد نموذجا إسلاميا ديمقراطيا ناجحا يسقط سندها الديني غير الديمقراطي والإمارات تخشى المنافسة الاقتصادية مع مصرخاصة مع تميز الموقع الجغرافي لمصر،أما الإدارة الأمريكية فيرى الكاتب أنها لاتريد نظاما غير علماني خاصة إذا كان يريد أن ينتج دواءه وغذاءه وسلاحه ويساوي قوته العسكرية بالقوة العسكرية للاحتلال الاسرائيلي، ويؤكد الكاتب أن ما يردده البعض من أن الإدارة الأمريكية تدعم حكم الإخوان ليس صحيحا بدليل أن الرئيس الأمريكي قال بأن مصر بعد الثورة لم تعد حليفا لأمريكا بعد أن رفض الرئيس محمد مرسي الضغوط الأمريكية مؤكدا أن مصر بعد الثورة دولة مستقلة ذات سيادة ،لذا يصبح من الضروري القيام بانقلاب عسكري حتى يأتي من يكون حليفا لأمريكا وهكذا التقت الإرادة الأمريكية التي تريد بناء نظام سياسي علماني لايسمح بالإرادة الحرة للشعوب التي تريد نظاما سياسيا يقوم على المرجعية الإسلامية والدول الخليجية التي لاتريد نظاما ديمقراطيا إسلاميا يمثل منافسا له جاذبية اجتماعية وسياسية خاصة مع انتشار مدرسة الإخوان المسلمين في أغلب الدول العربية والإسلامية.
مشهد الانقلاب:
يكشف مشهد الانقلاب الذي ظهر به في اللقطة الأخيرة الكثير من التفاصيل حسب الكاتب حيث جمع القيادات الدينية (شيخ الأزهر وبابا الأقباط) والرمز العلماني الأبرزفي مصر(البرادعي) وحزب النور السلفي المدفوع بأوضاع أو ضغوط إقليمية مباشرة أو غير مباشرة ومدفوعا أيضا باستراتيجية لا تناسب الموقف ترى ضرورة الحفاظ على الحد الأدنى من مكتسبات القوى الإسلامية حتى لا يضيعها الانقلاب العسكري والتي تبين أنها تقديرات لم تكن صحيحة ساعات بعد الانقلاب حيث بدأت حملة تستهدف التيار الإسلامي وتم حل مجلس الشورى، وبالتالي يصبح الانقلاب العسكري واقعيا انقلاب النظام السابق على الثورة فالرموز الدينية كانت خياراتها قريبة من النظام السابق إن لم تكن جزء منه والقوى العلمانية تحالفت مع النظام السابق، وهكذا أصبحت الدولة العميقة مسيطرة بالفعل بعد الانقلاب مباشرة وبعد حل مجلس الشورى ليظل القرار في النهاية بيد القوات المسلحة خاصة القائد العام لها.
القوات المسلحة:
يقدم الكاتب توصيفا مهما لتركيبة المؤسسة العسكرية حيث يرى أنها تعاني من مشكلة مركبة فهي جزء من نظام يوليو وقد تأسست على العداء للحركة الإسلامية وهي في النهاية جزء من المجتمع ولايوجد داخل بنيتها عداء للهُوية الإسلامية ، لكن في نفس الوقت فإن مفهوم الأمن القومي لديها قائم على عَلمانية الدولة وأن إسلاميتها تهدد الأمن القومي والاستقرار الإقليمي وتجعل من مصر دولة مارقة حسب التعريفات الأمريكية وهو مايجعل موقفها في غاية التعقيد فإذا انحازت لعلمانية الدولة تصبح في موقف حرج اجتماعيا وحتى داخل القوات المسلحة نفسها ، وإذا سمحت بالخيارات الحرة للشعب المصري -خصوصا أنها تأتي دائما بالتيار الإسلامي- تناقض مفهوم الأمن القومي لديها القائم على علمانية الدولة وحين تدخل في هذا الصراع السياسي فإنها تصبح واقعيا في مرحلة خطيرة من تاريخها وجزء من صراع إقليمي ودولي مع الربيع العربي ، وهو مايمثل حسب الكاتب لحظة فارقة وحرجة في تاريخ القوات المسلحة خصوصا إذا كان المخرج الوحيد في هذه الحالة هو أن تُعيد القوات المسلحة تعريفها للأمن القومي المصري بما يناسب طبيعة المجتمع المصري ويعبر عنه وهي مسألة صعبة ومعقدة خاصة مع الدعم الأمريكي العسكري للقوات المسلحة.
الانقلاب سياسيا:
يرى الكاتب أن المبرر السياسي للانقلاب لدى القوات المسلحة يناقض ما حدث في ثورة 25 يناير حيث انحازت القوات المسلحة مع الشعب ضد سلطة لم تأتي بإرادة شعبية حقيقة أما الآن فقد انحازت لجزء من الشعب ضد جزء آخر منه وأصبحت بذلك في قلب صراع سياسي تحول فعليا إلى نزاع أهلي خطير، حيث يرى الكاتب أن حالة الاحتقان المجتمعي والسياسي كان يتم تصريفها في الانتخابات أما الآن فيريد الانقلابيون أن يتم تصريفها في الشارع وهو مايُعرض العملية السياسية برمتها للخطر ويقوض الشرعية، ولهذا يفسر الكاتب إصرار الرئيس محمد مرسي على التمسك بالشرعية وتكراره للكلمة عدة مرات في خطابه الأخير قبل يوم واحد من الانقلاب لأنه كما يرى الكاتب يدرك أن تقويض الشرعية الدستورية خطر على كل شرعية أخرى وستصبح السلطة بالغلبة في الشارع وهو ما يعني الدخول عمليا في مرحلة نزاع أهلي وهو مالم يدركه تحالف الانقلابيين حيث يرى الكاتب أن الانقلاب ليس له علاقة بالمشكلات التي خرج بعض الناس من أجلها بل هدفه الأساسي تصميم نظام سياسي مدعوم من النظام السابق والقوى العلمانية ومدعوم عربيا ودوليا وبعد ذلك يمكن للقوى الاسلامية أن تشارك في ذلك النظام السياسي العلماني إذا قبلت تلك الشروط. أهداف الانقلاب:
يجمل الكاتب أهدافالانقلاب في سبعة نقاط:
1. وضع قواعد لنظام سياسي يجعل الهوية الإسلامية في الدستور مقيدة بمواثيق حقوق الإنسان الغربية عن طريق وضع نصوص شبيهة بتلك التي عرفت بوثيقة السلمي.
2. أن تكون القوات المسلحة صاحبة اليد العليا في السياسة
3. تعميق استقلال القوات المسلحة كمؤسسة لا سلطة مدنية عليها
4. تعميق فصل عدة مؤسسات أخرى عن أي رقابة شعبية كالقضاء والشرطة
5. ترسيخ سيطرة الدولة العميقة على مصر
6. تأمين شبكات الفساد وملفات النظام السابق من أي ملاحقة أو محاسبة
7. إدارة أمنية وسياسية للعملية السياسية
8. التقييد والحد من الدور السياسي للقوى الإسلامية
9. فرض سيطرة مباشرة أو غير مباشرة على وسائل الإعلام لتظل خاضعة لهيمنة العسكر وخلاصة تلك الأهداف: بناء نظام سياسي مستبد تحت غطاء من ديمقراطية مقيدة وإهدار مكتسبات الثورة.
مسار الانقلاب:
يرى الكاتب أن الكتلة الثالثة التي كانت أساسية في نجاح الانقلاب والتي تم تضليل وعيها حتى أيدت الانقلاب الذي شاركت فيه مع القوى التي طالما عرقلت حل المشكلات وأزَّمت الحياة لا بد أن تفيق في النهاية لتدرك أنها ساهمت في إعادة النظام السابق الذي منح الحماية للفساد ، وكما كانت هذه المجموعة بمثابة الكتلة الحرجة التي ساهمت بشكل حاسم في نجاح الانقلاب يمكن أن تكون أيضا جزء من إفشال الانقلاب .ويذهب الكاتب إلى أن المعركة أكبر من ذلك فالانقلاب قام ضد ثورة فإما أن ينجح الانقلاب وتنتهي الثورة أو يفشل الانقلاب وتنجح الثورة ،ولايوجد احتمال ثالث فالمعركة بين طرفين الثورة والثورة المضادة وهي معركة ليست غريبة على التاريخ فلم تنجح ثورة من الضربة الأولى والثورة المصرية كما يرى الكاتب نجحت بأسرع من المتوقع وهذه هي المشكلة لأن نجاحها لم يكن كاملا حيث تم حسم الثورة سريعا بتنحي رأس النظام السابق ، ولم يكن ذلك لمصلحة الثورة بل من أجل ألا تنجح الثورة بالكامل وينهار النظام السابق بالكامل، وهكذا حين فشلت كل محاولات إعادة النظام السابق التي كان آخرها محاولة إنجاح مرشحه أحمد شفيق في الانتخابات السابقة كان لابد من الانقلاب،ويقدم الكاتب خلاصة عميقة للمرحلة الحالية مفادها أن مصر الآن أمام معركة الثورة الأولى والأساسية ولكن بعد تقسيم المجتمع حول موقفه من الثورة كما حدث في سوريا والهدف من تقسيم المجتمع بعد الثورة حتى يتم إضعافه ولكي لا يكون له موقف محدد من الثورة وحتى يختلف المجتمع من الثورة ومن النظام السابق ويضعف الاجماع حولها وهنا تواجه الثورة نزاعا أهليا يعرقل مسيرتها.
مبرر الانقلاب ينقلب عليه:
يرى الكاتب أن أهم مبرر اعتمد عليه الانقلاب لتبريره هو وجود رفض شعبي في الشارع ومع أن هذه الحجة تشكل أقوى نقطة في مخطط الانقلاب إلا أنها كما يرى الكاتب تشكل أيضا أضعف نقطة فيه ،فكما كانت الحشود سببا في الانقلاب فإن الحشود الرافضة له يمكن أن تنهي الانقلاب ،لذلك يريد الانقلابيون وإعلامهم السيطرة على الشارع وتجاهل الحشود الرافضة لانقلابهم ،كما أن تحجج الانقلاب بوجود نزاع أهلي والذي زاده الانقلاب عمليا يمكن أن يجعل من هذا النزاع خطرا على الدولة والقوات المسلحة وهو ماسيدفع الانقلابيين للتراجع إلى لعبة سياسية ديمقراطية تقبل الجميع حتى يتم تصريف النزاع الأهلي في عملية سياسية بدل تصريفه في الشارع وذلك بعد أن تتقلص تدريجيا الكتل الداعمة للانقلاب مدفوعة بذلك من هيمنة دولة بوليسية تخدم النظام السابق فقط.
انتكاسة أم نهاية:
هذا هو السؤال الأهم والأخطر والذي يحاول الكاتب الاجابة عليه ،حيث يرى أن المسار التاريخي العام للثورة المصرية سيستمر في معركة التحرر لكنها ستواجه تحديات كبيرة بعد الانقلاب العسكري لذلك يرى أن ما حدث هو انتكاسة ستستمر لفترة زمنية قصيرة أو طويلة حسب تطور الأحداث ولن ينجح الانقلاب العسكري في مساومة شعب مصر الذي ضحى من أجل الحرية والاستقلال ومن أجل تحقيق الرفاهية التي لن ينفعها ضخ الأموال الهائلة والسريعة كما يتم التخطيط له لأن ذلك مرتبط بوجود ممول قادر على دفع معونات ومنح كبيرة ومستمرة ، وهو مايرى الكاتب أنه لن يحدث لأن القوى الخارجية في النهاية تخشى أساسا من تمويل مصر ماليا حتى لا تخرج من أزمتها الحالية وخوفا من تقوية مركزها المالي والاقتصادي ، ولأنه لايوجد من يدفع ثمن تنازل المصريين عن الحرية -هذا إن قبلوا بها أصلا- فإن الانقلاب في النهاية لن يأتي لا بالحرية ولابالرفاهية،فمقومات الانقلاب العسكري ونجاحه في تحقيق أهدافه غير متاحة ولكن الانقلاب العسكري يملك قوة السلاح لذلك فهزيمته كما يرى الكاتب ليست أمرا هينا وإن كانت متاحة في النهاية.
خلاصة:
يقدم د.رفيق حبيب في نهاية دراستهخلاصة عامة تستند إلى دروس التاريخ حيث حين يقول : "يرى البعض أنه عندما تقوم ثورة لإسقاط نظام حكم مستبد ثم تأتي حكومة منتخبة وبعدها انقلاب عسكري فإن هذا الانقلاب العسكري يفشل في النهاية والحكومة المنتخبة تعود للحكم وكل من أيد الانقلاب العسكري يخسر في النهاية" ليختم بالسؤال الكبير: هل تنطبق تلك القاعدة التاريخية على مصر؟يجيب الكاتب:ربما.
والحقيقة أن الدراسة تقدم رؤية موضوعية غير متحيزة مستفيدة في ذلك من تجربة سياسية وقدرة تحليلية متميزة على عكس الكثير من الكتابات والتحليلات التي تسقط في اكراهات الانتماء السياسي أو الايديولوجي الضيق وتحبس نفسها في دائرة الدفاع أو التبرير وأحيانا مجرد الهجوم دون النظر في المسار العام للحدث المصري برؤية موضوعية مستقلة وهو ما أعتقد أن الكاتب نجح فيه في دراسته هذه وفي دراساته السابقة.

الخميس، 4 يوليو 2013

موجز أنباء لأجيال الزمن التالي.

موجز أنباء لأجيال الزمن التالي.
================
الأربعاء 3 يوليو 2013 أنهى العسكر "العظيم" الشرعية الديمقراطية في مصر بمباركة من العلمانيين والليبراليين و"التقدميين" و"التنويريين" والمؤسسة الدينية "الرسمية" وكانت أول كلمة نطق بها العسكر: (تعطيل الدستور) !!! وكانت تباشير العهد الجديد إيقاف بث الفضائيات وإعتقال السياسيين ليُقسم بعد ذلك رئيس المحكمة الدستورية على "الدستور المعطل" رئيسا مؤقتا للبلاد!!!.
===============
على المستوى الخارجي
كانت أولى ردود الفعل هو ما صدر عن السعودية والإمارات بسرعة عجيبة معلنيين ترحيبهم بالإنقلاب!!! وكتبت صحيفة "معاريف" الصهيوينة على صفحتها الرئيسية:استطاع السيسي البطل استعادة مصر من قبضة الإسلاميين إلى أحضاننا من جديد،و فرح عارم وإطلاق ألعاب نارية في تلأبيب والقدس المحتلة وحزن في غزة (حدث عكس هذا تماما عقب ثورة 25 يناير،كان الفرح في غزة والحزن عند الصهاينة)
=============
بدأت حملة اعتقالات جديدة "قديمة" للإخوان المسلميين ومنع من السفر وربما اغتيالات أو محاكمات.
=======
تعقيب: الجديد في كل هذا ليس الإنقلاب(فقد حدث مرات) وليس الاعتقال (الجديد في الإعتقال أن سجون مصر لم تعد كافية لاستيعاب الإخوان) وليس حتى الإغتيال فقد اغتالوا من قبل الإمام الشهيد حسن البنا ومنعوا حتى أهله من السير في جنازته وأعدموا الآلاف فانطلقت الفكرة الإسلامية محلقة لاتحدها حدود في أكثر من بلد في العالم ،الغريب أن الإسلاميين الذين طالما اتهموا بالكفر بالديمقراطية ومخرجاتها هاهم اليوم يدافعون عنها بأرواحهم وقد كفر بها غيرهم من أدعيائها الذين تلفظهم الشعوب في كل مرة يتقدمون إليها.
سيعود الإسلاميون إلى الشعب ويلتحمون به من جديد وسيستفيدون من هذه التجربة،فهي ليست سوى منعطف في مسيرة طويلة عنوانه الكبير أن الإسلاميين أولى الناس بالديمقراطية والدفاع عنها والموت في سبيل حرية وكرامة شعوبهم.
====
فاصلة:
حين عاد البث إلى ميدان رابعة العدوية بعد قطعه من قبل العسكر كان الناس في صلاة خاشعة يناجون الرحمان الرحيم،فهل سيتم التقاط تلك الصورة وتحليلها؟.
كتبه حمود محمد الفاظل بتاريخ 4 يوليو 2013

الثلاثاء، 2 يوليو 2013

محاكمة أحرار الإمارات

هناك خبر لم يجد حظه من التدوين بسبب الأحداث في مصر. 
محاكمة أحرار الإمارات
============
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات حكما غيابيا يقضي بسجن ثمانية من أعضاء " التنظيم السري " مدة 15 سنة وحكمت حضوريا بسجن 56 من أعضاء التنظيم مدة 10 سنوات وعلى خمسة أعضاء مدة سبع سنوات فيما برأت المحكمة 25 متهما،وتتهم الإمارات "دعاة الإصلاح" المحكوم عليهم بالسجن بأنهم يشكلون تنظيما سريا يستهدف قلب نظام الحكم كما يزعمون،رغم أن كل الشواهد و الأدلة و براهين الدفاع تشير إلى براءة المتهمين و سلامة مقاصدهم و نصاعة سيرهم و بطلان التهم الموجهة إليهم.
===========
على حكام الإمارات أن يتذكروا –إن أرادوا- قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ "
وليعلموا أن الأبراج وناطحات السحاب والجزر البحرية وحضارة "الإسمنت" لن ترد عنهم بأس دعوة المظلومين تبثها القلوب العامرة باليقين إلى محكمة السماء العادلة.
إن حكام الخليج يصنعون المجد لمعارضيهم وهم غافلون إذ يعتقدون أن حياة مواطنيهم مجرد مأكل ومشرب إنها كرامة وحرية قبل كل شيء،إن حقوق الإنسان الإماراتي مقدمة على رفاهية الإنسان الهندي.
ماذا يضر هؤلاء الدعاة الأطهار وأحدهم يقول لأبنائه بعد الحكم عليه 10 سنوات:اثبتوا ولو ساوموكم في دعوة الله ...لا تقبلوا.
" وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ".

الاثنين، 1 يوليو 2013

ملاحظات بعد 30 يونيو


من أهم ما لفت انتباهي في الفيسبوك من تعليقات على 30 يونيو (أقصد تلك التعليقات المركبة التي لم تكن فحسب حماسا مطلقا للإخوان ولاهي تحامل وكره لهم) ما تفضل به هذان المدونان:
كتب المدون الكبير عبد القادر ولد محمد تعليقا على 30 يونيو: " المعادلة المصرية : الشراكة السياسية مع جماعة "الإخوان" صعبة للغاية واقصائها من المشهد السياسي مستحيل"
وكتب المدون المتميز محمد سالم ولد أحمد في نفس السياق: "الإخوان بالأساس حركة إصلاحية ولكي تتحول سياسيا -على الأقل- للخيارات الثورية كانت بحاجة لدرس بحجم 30 يونيو"
====
أعتقد أن 30 يونيو وتداعياته ستفيد الإخوان المسلمين في التفكير حول شراكة حقيقية مع الجاديين من أبناء مصر من الأطياف الأخرى فرغم أن تلك المظاهرات الحاشدة حاول البعض أن يحصرها في "الفلول" وأحيانا في بعض "الشواذ" رغم أنهم مشاركون بقوة إلا أنها ضمت كثيرين من شباب مصر ومن المواطنين البسطاء الذين لم تأت بهم المعارضة ولا حركة "تمرد" بل أتت بهم الأوضاع المعيشية الصعبة بعد عام من حكم مرسي.
----------------
يتعامل الإخوان مع معارضيهم بسياسة النفس الطويل وتركهم لتفاعلات الزمن ليتبين للمصريين حقيقتهم وقد نجح هذا من قبل خصوصا في أحداث الاتحادية ولكنه قد لايصلح هذه المرة لأن غالبية المحتجين ليسوا من أنصار المعارضة التي تبين أنها معارضة مفلسة أو على الأصح كما يصفها الكاتب المصري بشير عبد الفتاح "معارضة متسولة سياسيا" وقد رأينا كيف ركبت الحشود لإعلان البيان رقم 1 باسم الثورة وكيف تسولت للجيش وللفلول لهدم الشرعية والأساس الديمقراطي الوحيد الذي تم بناؤه في مصر.
----------------
احتدم النقاش كعادته على الفيسبوك حول مايجري في مصر بين طرفين أساسيين (هنا في موريتانيا) طرف من أنصار الإخوان يدافعون عنهم بحماس كبير وطرف من كارهيهم ينتقدهم بتحامل لافت وكأن الفرصة حانت "للتخلص" من الإخوان، وهناك طبعا طرف ثالث لكنه الأضعف صوتا (كما في المعارك دائما) وهكذا وفي نهاية النقاشات الحامية يتم حظر مجموعة من الأصدقاء من أحد الكتاب الكبار بحجة أنهم تجاوزا في حقه وقد يكون محقا في بعض ذلك.
=========
أريد أن أقول هنا لإخواني من الإخوان بأن الحماس مطلوب وهو طبيعي والحياد مرفوض خصوصا في التحولات الكبرى واللحظات الفاصلة بين ماتعتقده حقا وآخر تراه غير ذلك ،ولكن التجربة السياسية للإخوان في مصر من الوارد أن تنجح ومن الوارد أن تفشل فهي في النهاية تقديرات سياسية وقد اعترف الرئيس المصري بأخطائه(على رأسها الإعلان الدستوري الذي دافع عنه البعض بحماس شديد)،ولا يعني هذا أبدا كما يريد بعض المتحاملين والمتربصين أن الفكرة الإسلامية ستموت أو تتلاشى بسقوط مرسي أو هزيمة الإخوان سياسيا بل هي أكبر من ذلك وقد تجاوزت أصعب من هذا بكثير وهي في صعود قد يتعثر حينا ولكنه ماض للأمام فذلك قدر الله الذي لايتخلف والذي نعتقده ونؤمن به ولكن كيف ومتى ذلك ما ننقاشه ونقدم فيه آرائنا.
======
لقد وجد مرسي أمامه تركة ثقيلة من الفساد ونخبة كارهة للإخوان تود لو قضوا عن بكرة أبيهم وجهازُ دولةٍ خرب أكثرُ المتنفذين فيه من أنصار النظام السابق وفلوله ومن خصوم الإخوان وزاد على ذلك التجربة الضعيفة للإخوان في الحكم وإدارة الشأن العام فمن السجون و"الجماعة المحظورة" إلى رأس مصر أكبر دولة عربية وأكثرها تعقيدا وتشابكا مع المحيط الإقليمي والدولي،نعم هذه كلها حقائق لاينكرها أحد ولكن هناك حقيقة أخرى وهي أن الإخوان اختاروا غير مضطريين التقدم لقيادة مصر واختارهم الشعب لذلك وعليهم أن يستعدوا للمحاسبة السياسية وهو ما أعتقد أن خطاب مرسي الأخير (واعترافه بالأخطاء) وتظاهرات 30 يونيو وتداعياتها ستفيد فيه والله الموفق.

الاثنين، 24 يونيو 2013

تحية للأمير

إذا صحَّ مايتم تناقله من أخبار عن تنازل أمير قطر عن الحكم طواعيةً لصالح نجله "تميم" وهو بكامل صحته بل وحتّى "لياقته" فهذه سابقة لافتة للنّظر في النظام الملكي العربي الحديث.
.
.
.
لقد أتعبتَ نظرائك من الأمراء في كل أحوالك أيها الشيخ حمد ، فرغم التحفظات والانتقادات الوجيهة لهذا النمط من الحكم وتداول السلطة في دائرة ضيقة لاتتيح فرصة الاختيار الواسع والعادل أمام كافة المواطنيين ورغم الانتقادات المحقة أحيانا لسياسة قطر وأميرها إلا أن مايهمني في هذه التدوينة هو طريقة التداول ذاتها، فهو تداول للسلطة طرفاه أحياء يُرزقون على عكس ماهو سائد عند الملكيات الأخرى في وطننا العربي حيث يعتبر الموت عنصرا أساسيا و"ضروريا" من أجل (التدوال) على السلطة.
=====
تحياتي للأمير المُنتهية إمارته بمحض إرادته،فهذه سابقة حسنة.

الأربعاء، 5 يونيو 2013

تقييمُ المخزون السّمكي... لماذا؟ وكيف؟

سُئِلَ أحد الباحثين في مجال الثروة السمكية وتقييم المخزون عن مهمته كباحث في هذا الميدان ؟ فأجاب: أقوم بِعَدِّ الأسماك في البحر! ومع بساطة هذه الاجابة إلا أنها قد تعطي فكرة أولية عن المقصود بتقييم المخزون السمكي رغم أنه ليس بهذه السهولة والبساطة.
تُعتبر الثروة السمكية من المصادر الطبيعية المتجددة التي لها القدرة على تجديد نفسها من خلال عمليات التكاثر الطبيعي ويرتبط قطاع الصيد الذي يشكل أهمية كبرى في الاقتصاد الموريتاني (50 %من الصادرات و30 %من إيرادات الميزانية وأكثر من 30000 فرصة عمل)  بهذه الثروة وخصوصا حجم المخزون السمكي ومستوى استغلاله وكذلك قدرته الانتاجية، وبطبيعة الحال يتأثر هذا المخزون السمكي بمجموعة من العوامل منها الطبيعي (خصائص المياه، الحرارة، الملوحة...الخ) ومنها العوامل التي يسببها نشاط الإنسان والتي يمكن اجمالها فيما يعرف ب"جهد الصيد" الذي هو المحصلة النهائية لكل ما يمارسه الإنسان من آثارٍ لاستغلال المخزون (عدد قوارب الصيد، معدات الصيد، فترات الصيد...الخ) ويعتبر جهد الصيد العامل الأكثر تأثيرا على المخزون السمكي حيث يشكل تنامي جهد الصيد بشكل غير منظم ولا يتناسب مع طاقة المخزون وقدرته الانتاجية تدهورا في المخزون واستحالةَ عودته لحالته الطبيعية مما يؤثر على التنمية ويحدُّ من الاستفادة من الثروة السمكية ، ويعتبر تقدير المخزون السمكي (معرفة حجم الثروة السمكية المتوفرة) وتقييمه (معرفة درجة استغلاله : هل يُستغل بشكل متوازن أم هناك فرط في الاستغلال) من الأمور الأساسية التي لا غنى عنها لحماية الثروة السمكية واستغلالها بما يضمن تجددها.
1-   المفهوم:
المخزون السمكي بمعناه العام يعني حجم الكتلة الحية من الأسماك في المياه البحرية وقدرتها الانتاجية  وفي موريتانيا يمكن تقسيم المخزون السمكي إلى قسمين كبيرين:
1-2 : مخزون الأسماك السطحية وهي التي تعيش قريبة من السطح وعادة يكون هذا المخزون مشتركا بين الدول المجاورة نتيجة لهجرة هذه الأنواع  ويمثل حجم الانتاج السنوي من هذا المخزون أكثر من 70%من الكمية المصطادة وحوالي 30%من قيمة الصادرات السمكية في موريتانيا.
1-3 : مخزون الأسماك القاعية وهي الانواع السمكية التي تعيش في القاع أو قريبة منه ويضم أهم الأنواع ذات العائد المادي الكبير كالأخطبوط مثلا، وتمثل الموارد القاعية حوالي 31%من الكمية الاجمالية للصيد بينما تصل قيمة الصادرات السمكية لهذا المخزون حوالي 75 %.
2-   لماذا تقييم المخزون السمكي؟
إن تقييم المخزون السمكي وتحديد مستوى استغلاله يعتبر عنصرا أساسيا للحفاظ على ثروتنا السمكية من التدهور وفي غياب هذا التقييم يمكن أن يشكل تنامي جهد الصيد بشكل غير منظم على أسماك معينة دون مراعاة  المخزون المتوفر والمتاح للاستغلال خطرا يهدد هذا المخزون، كما أن الاستمرار في صيد أعداد كبيرة من الأسماك في مراحل نضوجها وحرمانها من فرصة التكاثر وإثراء المخزون الطبيعي  والصيد المُوجّه لصغار الأسماك بأحجام صغيرة كل ذلك ينتج عنه تدهور المخزون السمكي مما يهدد بانقراض أنواع معينة وتراجع المخزون حتى يصل إلى مرحلة يصعب معها أن يعود لوضعيته الطبيعة لذلك يصبح من اللازم تقييم المخزون السّمكي لمعرفة الأنواع التي تتعرض لاستغلال مفرط وتلك التي لاتزال مخزوناتها في حالة جيدة تسمح بمزيد من الاستغلال ولا بد هنا من الأخذ بالتّوصيات العلمية التي يصدرها المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP) في هذا الشأن لضمان استغلال متوازنٍ لثرواتنا السمكية.
3-   كيف يتم تقييم المخزون السمكي؟
يتم تقييم المخزون السمكي بإحدى طريقتين: طريقة مباشرة وأخرى غير مباشرة.
3-1: الطريقة المباشرة:
 وذلك عن  طريق ما يعرف بالحملات العلمية (les campagnes scientifiques )وهي عبارة عن إجراء مسح لمياه البحر بواسطة سُفن الأبحاث لتقدير المخزون السمكي ورصد تطوره وهناك نوعان من الحملات العلمية وذلك حسب طبيعة المخزون السمكي المُراد تقييمه فإذا كان المخزون من الأسماك القاعية يتم تقييمه عن طريق:
3-1-1: الحملات القاعية ((Les Campagnes démersales
حيث تقوم سفينة البحث بإجراء مسوحات لأخذ عينات الأسماك عن طريق شباك الجر القاعي على طول المحيط ويتم بعد ذلك تصنيف وعد الأسماك التي تم صيدهاوذلك لحساب مؤشرات الوفرة لهذه الأنواع فيما بعد والتي تعتبر عنصرا أساسيا في تقييم المخزون السمكي خصوصا إذا كانت سلسلة البيانات طويلة، وفي حالة المخزون المراد تقييمه يتكون من أسماك السطح الصغيرة ففي هذه الحالة يتم استخدام:
3-1-2: الحملات الصوتية(Les campagnes acoustiques)
حيث يتم تقييم الكتل الحية للنوعيات المستهدفة وإعداد خرائط توزيعية لها وذلك عن طريق جهاز مثبت في السفينة يطلق مجموعة من الأمواج الصوتية تنعكس على شكل طاقة (SA) حين تصطدم بأجسام الأسماك حيث يتم تحليل تلك الطاقة لتقدير الكتلة الحية لتلك الأسماك وتحديد أنواعها.
وينظم المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد هذه الحملات العلمية منذ عشرات السنيين حيث وفرت مجموعة من المعطيات العلمية حول طبيعة المخزون ومستوى استغلاله ورغم بساطة هذه الطريقة إلا أنه رغم ذلك تعترضها الكثير من الصعوبات منها مثلا طبيعة الأسماك وسلوكها حين تحس بالشباك وهي تقترب منها وكذلك تكاليفها الباهظة (حيث يكلف اليوم الواحد قرابة 1200000 أوقية،في سفينة البحث "العوام" أحيانا تصل الحملة إلى عشرين يوما).


3-2: طريقة غير مباشرة: وذلك عن طريق استخدام نماذج تقييم المخزون السمكي انطلاقا من المعطيات المتوفرة عن المخزون (الكميات المقبوضة ، جهد الصيد ..الخ) حيث تقوم هذه النماذج عن طريق مجموعة من العمليات الرياضية بتقييم  المخزون السمكي وذلك لتحديد ثلاث مستويات للمخزون:

·        مصايد مستغلة دون  المستوى المطلوب والذي يتيحه المخزون
·        مصايد تكون فيها درجة الاستغلال متوازنة مع مايتيحه المخزون وضمان تجدده
·        مصايد تكون فيها درجة الاستغلال تفوق  مايتيحه المخزون وهو ما يعرف بالاستغلال المفرط الذي يؤدي لتدهور المخزون .
وبحسب الدراسات والأبحاث التي يقوم بها المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد  انطلاقا من هذه الطرق المباشر وغير المباشرة وعن طريق استخدام  المعطيات التي توفرها الحملات العلمية وكذلك قواعد البيانات المختلفة يمكن بشيء من الإجمال القول بأن مؤشرات الوفرة لأهم الأنواع السمكية القاعية شهدت تراجعا مستمرا خلال العقد الماضي وأن مخزون بعض الاسماك القاعية  يشهد تناقصا وأحيانا تدهورا بسبب فرط الاستغلال الذي تجاوز قُدرات المخزون كما هو الحال بالنسبة للأخطبوط فيما يظل مخزون الأسماك السطحية بشكل عام في حالة جيدة تسمح بمزيد من فرص الاستغلال.
وحسب التقرير الصادر عن مجموعة العمل الأخيرة المنظمة من طرف المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (دجمبر 2010) لتقييم المخزون السمكي يمكن تقديم المعلومات التالية المتعلقة بحالة المخزون لأهم الأنواع السمكية.
1-     أسماك السطح الصغيرة
-         مخزون أسماك السردين  Sardine(المخزون C) وهو مخزون مشترك بين المغرب وموريتانيا تقدر الكتلة الحية (Biomasse)لهذا النوع ب 5281520 طن وقدرة المخزون ب 1310000 طن (قدرة المخزون هي الكمية التي يتيحها المخزون للاستغلال دون أن يأثر ذلك على فرص تجدده ) وتقدر الكمية المصطادة ب 317600 طن (منها 105000 في موريتانيا) ويظهر أن هذا المخزون غير مستغل ولايزال يتيح الكثير من فرص الاستغلال.
-         الجواف المستدير Sardinelle ronde
تقدر الكتلة الحية لهذا النوع ب 1560000 طن ، قدرة المخزون  365000 طن وتقدر الكميات المصطادة ب 530000 طن منها 215000 في موريتانيا ويظهر هنا أن الكميات المصطادة تجاوزت ما يتيحه المخزون فهو في حالة فرط الاستغلال.
-         الجواف المفلطحSardinelle plate 
الكتلة الحية: 1300000 طن ، قدرة المخزون:265000 طن الكميات المصطادة 113000 طن منها 27000 طن في موريتانيا ويظهر أن هذا المخزون لايزال يتيح المزيد من فرص الاستغلال.

-         الماكريل الأسود Chinchard noir
تقدر الكتلة الحية لهذا النوع ب 840000 طن وطاقة المخزون ب 330000 طن يتم صيد 347000 طن من هذا النوع في شبه المنطقة منها 260000 طن في موريتانيا فهو مخزون يعاني فرط الاستغلال.
-         الماكريل الأطلسي  Chinchard de l'Atlantique
الكتلة الحية:220000 طن ، قدرة المخزون 102000 طن يتم صيد 120000 طن في شبه المنطقة منها 52000 طن في موريتانيا وهو كما هو واضح يعاني من فرط الاستغلال.
-         الماكرو   Maquereau
تقدر الكتلة الحية لهذا النوع ب 610000 طن وقدرته الانتاجية ب 250000 طن ويتم صيد 244000 طن من هذا النوع منها 44500 طن في موريتانيا وهو كما يظهر في حالة استغلال متوازن.
2-    الأسماك القاعية

-         الأخطبوط Poulpe
تظهر نتائج تقييم مخزون الأخطبوط بأنه وصل لحالة فرط الاستغلال حيث تصل القدرة الانتاجية لهذا المخزون إلى حوالي 30000 طن فيما تجاوزت الكميات المصطادة منه أكثر من هذا بكثيروعلى الرغم من الإجراءات المتخذة(توقيف الصيد في فترتين من السنة) لحماية هذا المخزون الذي يشكل أهم الأنواع التي يرتبط بها الصيد التقليديوتشكل مصدر دخل للكثير من الصيادين التقليديين فإن كل مجموعات العمل المتوالية تظهر دائما أن هذا المخزون في حالة استغلال مفرط.
-         السبيط: Seiche
 في ما يتعلق بهذا النوع أظهرت النتائج بأن الكميات المصطادة تبقي دون مستوي الكميات المتاحة للاستغلال حيث تقدر القدرة الانتاجية لهذا النوع ب 7000 طن.
-         نازلي أسود: Merlus noirs 
تظهر نتائج تقييم المخزون لهذا النوع أن استغلاله لايزال دون المستوى المتاح حيث تصل الكميات المصطادة منه إلى 6700 طن فيما تقدر طاقته الانتاجية ب 12000 طن.
-         الجمبري الشاطئي: Crevette côtière 
 مخزون هذا النوع في حالة استغلال متوازن تقدر قدرة المخزون ب 18000 طن
-         جمبري الأعماق: Crevette profonde 
نتائج التقييم تفيد بأن الكميات المصطادة من هذه الثروة تبقي نسبيا دون المستوي الأمثل المتاح للاصطياد الذي يقدرب 2500 طن بينما تبلغ المقبوضات  حاليا حدود 1400 طن (1).

4-   ختاما
يبقى تقييم المخزون السمكي أداة لا غنى عنها من أجل إدارة أمثل لمواردنا السمكية كما أن تحقيق التوازن بين حجم المخزون السّمكي وجهد الصيد الذي يمارس عليه سيساهم في صيد الأعداد أو الحجم الزائد من المخزون في كل سنة ولا يمكن تحقيق هذا التوزان مالم يتم الأخذ بنتائج الدراسات والاستشارات العلمية التي يقدمها المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد في هذا الشأن حيث يمكن للقرارات الصادرة من السلطات المعنية بناء على هذه الدراسات أن تُساهم في الحفاظ على المخزون السّمكي واستغلاله مع ضمان تجدده وذلك بتطبيق مجموعة من الاجراءات المختلفة.
ومن هذه الاجراءات الضرورية :
·        منع صيد الأحجام الصغيرة من الأنواع السمكية التي لاتزال في طور النمو وذلك لتوفير الفرصة لها لتصل إلى حجم يمكن معه أن تصل إلى مرحلة النضوج كما أن صيدها بأحجام صغيرة يجعل قيمتها التجارية متدنية.
·        منع الصيد في مواسم وأماكن معينة كتلك الأماكن التي يعتقد أن الأسماك تلجأ إليها للتكاثر ووضع البيوض أو المحميات الطبيعة لما توفره من توازن طبيعي مهم لثراء المخزون وتنوعه كما أن منع الصيد في مواسم معينة يأتي للحفاظ على المخزون السمكي لأنواع محددة يعاني مخزونها فرط الاستغلال (حسب الدراسات) وذلك لإعطائها فرصة للتكاثر وحماية صغارها وكمثال على ذلك (الراحة البيولوجية التي تستهدف حماية مخزون الأخطبوط) .
·        منع استخدام معدات الصيد الضارة التي تتسبب في تضرر المخزون السمكي أو البيئة البحرية بسبب استخدام نوع معين من المعدات يخالف المعايير المعتمدة في هذا المجال.
·        تحديد جهد الصيد وذلك عن طريق تنظيم رخص الصيد وعدد القوارب التي تصطاد في المياه الوطنية وسيساعد ذلك في تخفيض جهد الصيد ليتناسب مع الطاقة الإنتاجية للمخزون، بحيث يتم استغلال ما يزيد على حاجة المخزون من الأعداد والإبقاء في نفس الوقت على أعداد كافية منه لتقوم بمهمة تجديد المخزون عن طريق التكاثر.
إن هذه الاجراءات وغيرها مِمَّا لم يتم اتخاذه بعد من شأنه أن يُسهم في الحفاظ على ثروتنا السمكية وإدارة استغلالها بما يُحقق الفائدة للمواطن ويضمن تجدد هذه الثروة في المستقبل وذلك في ضوء نتائج الأبحاث والدراسات العلمية التي تشير إلى تناقص المخزون السمكي وحالة الاستغلال المفرط الذي تعاني منه بعض الأنواع السمكية ذات الأهمية البيئية والعائد المادي المعتبر، ولن يتم ذلك بالطبع مالم تُعطى عناية خاصة للبحث العلمي في مجال الثروة السمكية عن طريق الاهتمام بالمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP) ماديا ومعنويا وتوفير كل الوسائل الضرورية ليقوم بمهمته في هذا المجال وذلك بوصفه المؤسسة المسؤولة عن إعداد الدراسات والأبحاث بشأن الثروة السمكية وتوفير المعلومات الأساسية عن حالة وتطورالمخزون السمكي.


---------------------
(1)- التقرير الصادر عن مجموعة العمل التي نظمها المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP)دجمبر 2010.
بقلم: حمود محمد الفاظل

الاثنين، 6 مايو 2013

المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP)


على مقربة من الشاطئ في "كانصادو" بمدينة انواذيبو تُطل بناية المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد، تاريخ طويل من العطاء وتجربة علمية حافلة وواقع دون المأمول.

1- شيء من التاريخ:
تمتد جذور المعهد لأكثر من خمسين سنة بالتحديد في الخامس من يناير سنة 1953 حين تم تدشين مختبر الصيد بمدينة انواذيبو ليتطور المسار فيتحول المختبر إلى المركز الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد CNROP وذلك في 23 نوفمبر من عام 1978، تتعمق التجربة العلمية وتتوسع ليصبح المركز في سنة 2002: المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد IMROP.

وبالرغم من هذا التاريخ الطويل إلا أن الكثير من الموريتانيين لا يعرفون المعهد ولا مهامه ودوره في التنمية خصوصا ممن يُتوقع منهم ذلك من المسؤولين والمثقفين... لقد صَاحَ أحد نواب البرلمان ذات مرة داخل تلك القبة التي يفترض أن تجمع ممثلي الشعب وحُماة الوطن: هذا المعهد ماذا يفعل؟ ما دوره؟ ما أهميته؟ إنها ميزانية كبيرة عليه؟.

وأنا هنا لا ألوم ذلك النائب الذي (لم أعد أتذكر اسمه) بقدر ما ألوم المعهد والقائمين عليه حيث لم يستطيعوا تقديم الصورة الحقيقية للمعهد ودوره الكبير في البحث العلمي والتنمية الاقتصادية فحتى وسائل الإعلام كثيرا ما تكتب اسم المعهد بطريقة خاطئة وأحيانا مضحكة مما يعكس الغياب الإعلامي الكبير للمعهد وما يسببه ذلك من غياب الاهتمام به من لدن الجهات المعنية.

2- المهام:
المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد IMROP هو مؤسسة بحثية تهتم بكل ما له علاقة بالثروة المائية الحية (البيئة البحرية، الصيد، المخزون السمكي، استصلاح المصايد... الخ).

وهو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تابعة لوزارة الصيد والاقتصاد البحري ويمكن تلخيص مهمته الرئيسة في إعداد وتقديم المعارف الضرورية لتسيير واستغلال الثروة السمكية وتقديم الاستشارات العلمية للسلطات العمومية للاستفادة منها في رسم سياسات الدولة في مجال الثروة السمكية وبشيء من التفصيل أكثر:

-
دراسة البيئة البحرية وديناميكية المخزون واستقصاء المعوقات والعوامل البيولوجية والفيزيائية، الاجتماعية والاقتصادية والتقنية لقطاع الصيد،
-
متابعة تطور المخزون السمكي وتحديد مستوى استغلاله،
-
دراسة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لقطاع الصيد على المواطنين،
-
دراسة طرق استغلال واستصلاح المصايد بشكل مستدام،

وفي هذا المجال تمكن المعهد على مدى سنوات عديدة من تقديم الكثير من الانجازات العلمية المعتبرة منها على سبيل المثال:

-
دراسة بيولوجية وإيكولوجية للأنواع السمكية المستغلة في موريتانيا،
-
معرفة حالة الموارد ومستوى استغلالها سواء تعلق الأمر بالمخزون السمكي السطحي أو مخزون الأعماق وحتى تحديد مستوى استغلال الكثير من الأنواع السميكة الرئيسة،
-
دراسة الموارد السمكية والظروف الهيدرولوجية لحظيرة آرغين.
-
دراسة الظروف الهيدرولوجية ومعرفة بعض خصوصيات التيارات الانبثاقية في موريتانيا.
-
أكثر من 20 أطروحة وتقارير للدراسات المعمقة تناولت مواضيع شتى في إطار برامج البحث العلمي.
-
أكثر من 38 نشرة علمية وإحصائية و90 أرشيفا لمختلف المعطيات العلمية وكتابان عن الأسماك الموريتانية وعشرات التقارير عن الملتقيات العلمية ومجموعات العمل.

لقد أصبحت تجربة المعهد في شبه المنطقة تجربة مقدرة مقارنة بالمعاهد المماثلة في الدول المجاورة كالمغرب والسنغال، وينظم المعهد من كل أربعة سنوات مجموعة عمل تناقش أهم المواضيع والمستجدات العلمية في مجال الصيد والبيئة البحرية يلتقي فيها العديد من الباحثين والخبراء من مختلف الدول والمعاهد والمؤسسات المشابهة، وتصدُر في نهاية مجموعات العمل تقارير تُقدم خلاصة الدراسات والأبحاث في هذا المجال، وتعتبر من أهم الوثائق العلمية التي تساهم في تسيير مستدام للثروة السمكية، كما أن تجربة المعهد في البحث العلمي خصوصا في تسيير الحملات العلمية التي تستهدف استكشاف وتقدير المخزون السمكي وتحديد مستوى استغلاله تعتبر من أهم التجارب في شبه المنطقة وبالذات حملات الجر القاعي التي تستهدف الثروة السمكية القاعية حيث تمت الاستعانة بالمعهد لإجراء هذه النوع من الحملات في بعض الدول المجاورة كان آخرها الحملة العلمية المنظمة في غينيا بيساو سنة 2011 من أجل تقييم المخزونات السمكية لهذه الدولة.

كما كان للمعهد دور كبير في الكثير من الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الدولة لحماية المخزون والأنواع السمكية التي تعاني من فرط استغلال يهدد وجودها من ذلك على سبيل المثال ما يعرف بالراحة البيولوجية (أو التوقيف كما هو شائع لدى الصيادين التقليديين) وتستهدف هذه الراحة البيولوجية ثروة الأخطبوط التي تعاني من فرط استغلال تجاوز 30% حسب التقرير الصادر عن آخر مجموعات العمل المنظمة من طرف المعهد سنة 2010، وتهدف الراحة البيولوجية لحماية إناث الأخطبوط وصغاره في فترتين من السنة وذلك بمنع كافة أشكال الصيد التي تستهدف هذا النوع في فترات زمنية تقابل فترات التكاثر والنمو يتم تحديدها بناء على تحليل البيانات والمعطيات العلمية الدورية من طرف المعهد.

3- واقع دون المأمول
انطلاقا من هذا التاريخ الطويل والتجربة المعتبرة للمعهد في مجال البحث العلمي الذي يستهدف إحدى أهم الثروات الطبيعية في البلاد (الثروة السمكية) إلا أن واقع المعهد اليوم يبقى دون المأمول، فقد غادر المعهدَ بعضُ الباحثين ممن راكموا تجربة معتبرة في مجال البحث العلمي إما لدول أجنبية أو للالتحاق ببعض المؤسسات الدولية حيث توجد ظروف مناسبة للحياة الكريمة مما حرم المعهد من الاستفادة من تلك التجربة وتوريثها للباحثين الجدد، وتبقى الظروف المادية الحالية متواضعة جدا لا يستطيع أصحابها الانخراط في الهم العلمي البحت والانقطاع فيه وهم مشغولون بالبحث عن جواب لسُؤالِ العيش أكثر من سؤال البحث العلمي، وما لم يتم تحسين تلك الظروف والاهتمام بأصحابها فإن مآلات البحث العلمي في المعهد ستكون محدودة جدا إن لم تكن معدومة. وسيتحول إلى مؤسسة رتيبة غير قادرة على العطاء أحرى التميز كما هو حاله الآن.

كما أن الاهتمام بالكادر البشري تكوينا وتدريبا وإتاحة الفرصة له من أجل مواصلة الدراسة والتطرق لمواضيع كثيرة لا تزال بحاجة للتناول عن طريق الأطروحات الدراسية والتقارير العلمية من شأنه أن يساهم في توسيع تجربة المعهد وتزويده بالكادر البشري الفاعل فالمعاهد البحثية مهمتها الرئيسية في التكوين وإعداد الدراسات والوقوف على آخر الأبحاث في هذا المجال، فعلى سبيل المثال هناك الآن الكثير من الدوريات والمجلات العلمية العالمية لا يُتيح المعهد خدمة الاشتراك فيها، وهذه من أبسط أسباب مواكبة تطورات البحث العلمي التي لا تعرف التوقف.

ثم إن الاهتمام بفتح آفاق الشراكة مع معاهد البحث والمؤسسات العلمية والدولية واستقدام المشاريع التي تهتم بهذا المجال سيشكل دعامة أساسية في تطوير تجربة المعهد وتوفير الوسائل الضرورية التي لا غنى عنها في مجال البحث العلمي.

وتبقى الرؤية الإستراتيجية التي تترجمها برامج وخطط البحث الخماسية وكذلك خطط العمل السنوية من أهم العوامل التي تساعد في تطوير تجربة المعهد وتحديد المجال الذي يتحرك فيه ورسم أولويات البحث العلمي والتركيز على المجالات الأكثر أهمية.

فهل تدرك الجهات المعنية الدور الذي يلعبه المعهد في رسم سياسات الدولة في مجال الثروة السمكية وفي حماية شواطئ كانت توصف بأنها الأكثر غنًى في العالم؟ أم أن الإهمال سيظل متواصلا مما ينذر بعواقب وخيمة تهدد الثروة السمكية ومستقبل الأجيال؟.