الاثنين، 20 يوليو 2009

خواطر"الفرز"...نجح "الجنرال" مات "الشيخان"


بعد سباق رئاسي محموم رمت فيه موريتانيا بكل رموزها السياسيين ، كان من بينهم قائدوا الانقلابات الثلاثة الأخيرة ...ومن بينهم شيوخ المعارضة وفتيانها وفي اللائحة الهادؤون والمتواضعون ، كل أولئك كانوا في القائمة ، لكن واحدا من بينهم استطاع الاستيلاء على قلوب وأصوات الناخبين ليس بأمواله وبهرجته الملفتة فحسب بل بوعوده وأفعاله وإصراره "الممل" أحيانا عليها ...لم تستطع "الجبهة" بشحمها ولحمها ، بزخمها الإعلامي ومحاربيها القدماء أن تكسر جموح حصان "الجنرال" لم يستطع زعيم المعارضة "في ما مضى" وما التف حوله من مال ورموز ومن عشائر تدق الطبول أن يتبين ملامح حصان الجنرال المتلهف للفوز ، مااستطاع آخرون بتضحياتهم وجديتهم ولا آخرون بتماسكهم خلف أنفسهم أن يواصلوا السباق ، بدا الجميع منهكا ومرهقا لحد التوقف ، وماكان في المقدمة سوى "الجنرال" وحيدا يتبختر في الميدان ...ذلك أول ملامح "الملحمة" الانتخابية المدهشة والموغلة في الإثارة ...ومن ثم ، وبعد أن خف وطيس الملحمة يحق لنا أن نبعث بتنبيهات بسيطة ومختصرة لمن يهمه الأمر .

التنبيه الأول : إلى الرئيس لاإلى "الجنرال"

أدري ومعي الكثيرون صعوبة أن يناديك أحدهم دون صفة "الجنرال" وماتحمله من معان خشنة وصفات مزجت قساوة العسكري ببرائته السياسية المنجذبة للصدام والوضوح ..لكنك اليوم سيدي الرئيس سوف تتخلى عن بزتك العسكرية بمفرداتها ونياشينها وأشيائها الحادة ...فأنت أصبحت رئيسا مدنيا منتخبا لكل الموريتانيين "بمفسديهم" ومصلحييهم واعلم أن ماتتيحه الحملات الدعائية من فوران وجداني وعنف في التعابير لايليق برئيس منتخب تجاوز مرحلة المنافسة وإرباك الخصوم إلى ساحة الفعل والإنجاز...
حافظ عل قوتك وإقدامك وإصرارك فنحن بحاجة إلى من "يرهب" المفسدين ويغتال بالشنق عقلية النهب الفظيعة لكن كل ذلك ميدانه ساحة الفعل والبناء والتنمية لاساحة الانفعال والتصريحات والمسميات .
سيدي الرئيس اعلم أن هناك الآلاف من من صوتوا لكم فقط لأنهم لمحوا انجازات رغم محدوديتها وبرغم سياقاتها وبرغم الرغم، إلا أنها شكلت بالنسبة لهم قناعة تحكي أنه بالإمكان انجاز شيء وتحقيق وعد من ما يهتف به عادة الرؤساء والحكام .

هناك لحظة ينتظرها الكثيرون... بعد أشهر من القصر وحاشيته والسلطة وفتنتها هل ياترى ستتلاشى تلك الوعود الجميلة كخيط دخان أم أن الرئيس الجديد يختلف عن سلفه ، ذلك أخطر شيء ينتظره البسطاء والمنسيون في وطنهم لعقود من الزمن .

التنبيه الثاني : إلى "الشيخان"

لقد كان واضحا وصريحا خطاب الشعب "للشيخان" مسعود ولد بلخير وأحمد ولد داداه فبرغم ماأتيح لهما مما أتيح لخصمهم من مال ورموز سياسيين ومن خلفهم العشائر والقرى وأشياء أخر، لم يستطيعا منافسة قوية وكأن خطاب المعارضة التقليدية قد شاخ وانتهت صلاحيته ولم يعد باستطاعته تجميع الناخبين وإقناعهم وذلك درس مهم للساحة السياسية ...أما الحديث عن "التزوير" صبيحة الهزيمة فقط فهو أقرب إلى هرم الشيخوخة من أي شيء آخر ...حق للشيخيان المنهكان أن يستريحا ... آن لزعيم المعارضة "فيما مضى" و"أب الديمقراطية" "في ما مضى" أن يفهما أنهما جزء من الذي مضى ، الشعب يشكركم على ماقدتم من نضال وجهد ولكنه حان الوقت ليتاح لجيل جديد من المعارضة لعل في المترشحيين الأربعة الذين اعترفوا بالنتائج وبترتيبهم الذي حددته صناديق الاقتراع ومعهم آخرون ، لعل فيهم جيل المعارضة الجديد .


التنبيه الأخير : إلى "تواصل" ليواصل ...

رغم محدودية النسبة 4 في عالم الأرقام ودلالاته الكمية ورغم صدمة جيل شاب اندفع بعقله وعاطفته في الحملة الأخيرة يبتغي الفوز ...برغم كل ذلك استطاع "التواصليون" أن يتميزوا في الحملة الأخيرة ، وقد تجلى ذلك في الآتي :
أولا: حين حافظ الحزب على خط دعائي وإعلامي متوازن يشتغل بنفسه أكثر من اشتغاله بالآخرين
ثانيا: ادارة حملة انتخابية واعية لم تنزل إلى مانزل إليه الكثير من المنافسين من شخصنة للدعاية لايليق بالأحزاب الناضجة واستطاع التواصليون أن يحافظوا شيئا ما على شعبيتهم وسط حملة شرسة للمنافسيين استخدمت المال والرمز السياسي والطائرة الميسرة ...وهو ما يعني أن النسبة أربعة ينبغي أن تكون غالية وعزيزة ومقدرة فلم تقف خلفها جهة ولاقبيلة ولاثراء فاحش إنما تضحية وجد وقناعة وهو ما يتطلب المحافظة عليها ومضاعفتها في الزمن التالي ...
ومن المهم هنا أن نطلب من التواصليين طلبان :
الأول :
لايكفي البرنامج الانتخابي الناضج والرؤية السياسية الواضحة رغم أهميتهما لايكفيان لجلب أصوات الناخبين بل لابد من جهد ميداني يعين الناس في رحلتهم المرهقة بحثا عن لقمة العيش ولعل في السنوات الخمس المقبلة فرصة لذلك حتى يقتنع الناس أنكم لستم أصحاب شعارات فقط بل أصحاب مشروع تنموي والحزب طبعا أدرى بما يعينه على تحقيق ذلك
الثاني :
أطلب من قيادة الحزب والرئيس على رأسها أن تقوم بزيارات شكر سريعة إلى أغلب المناطق والقرى التي منحت الحزب نسبا معتبرة كتقدير لهم على اختيارهم ولعل ذلك يثبت أن موسمية العمل السياسي التي غلبت على كل الأحزاب السياسية في البلد بكل أسف لاتستقيم لدى "تواصل"

وفي الأخير إن كان من وصف يمكن أن نصف به تلك المرحلة التي خلت من تاريخ البلد فيمكن القول أنه لم يحن بعد وقت المدنيين في أرض الشعر والعسكر وأن زمن المعارضة التقليدية ولى وإلى الأبد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق