تجربة 48 ساعة بدون إعلام، تجربة مفيدة؛ كنتُ في رحلة إلى بعض القُرى المُشَاطِئة لحوض آركين...تعمّدتُ فيها عن سبق إصرار ألاَّ أستمع للإذاعة مطلقا، أما التلفزيون والأنترنت فلا يوجد أصلا، وهو ما أتاح لي "تسجيل الخروج" عمليا -لا وجدانيا-من ساحة التدافع الحالية.
وبعد تصفح هادئ لساحة صغيرة من ساحات ذلك التدافع (الفيسبوك) ومحاولة الخروج منها بخلاصة، لاحظتُ كم نُتعب أنفسنا بالجري خلف "آخر التطورات" وتتبع التفاصيل الصغيرة والاشتغال بها وخوض المعارك من أجلها.
والحقيقة الكبرى أن هناك تدافعًا أزليّا بين الحق والباطل في هذه الدنيا، الحق مستويات والباطل كذلك، قد لا يُقابلان دائما الكفر والإسلام كما يفهم البعض (هناك مستويات من الباطل يشتغل بها بعض المسلمين في ديار المسلمين)..وما نعيشه يوميا ونتلقفه من وسائل الإعلام ويَدفَعُ به بعضُنا بَعضًا مُجرّد تفاصيل صغيرة لمستويات ذلك التدافع في جزئية بسيطة من جزئياته قد تحرمنا أحيانا قيمة القراءة المتأنية لحقيقة ذلك التدافع، وترمي بنا أحايين كثيرة خارج دائرة الفعل الحقيقي فنخسرُ وقتًا وجهدًا في غير محلّه ولغير "مُستحقّيه".
لا يعني هذا أبدا أن التفاصيل غير مهمة أو أن الاشتغال بالتدافع الجزئي بل حتى "التدافع الافتراضي" كما يحدثُ على صفحات الفيسبوك غير مطلوب، لقد كان من المُفترض أن أخوض ثلاث "معارك" صغيرة على الأكثر لو كنت موجودا "هنا" خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، لكن الله سلم والحمد لله على كل حال، إذا ليس هذا ما قصدت، خلاصة ما قصدتُ أنه لا يليق بأصحاب المشاريع الكبيرة والشخصيات القيادية الاشتغال بتلك الدوائر البسيطة فتستغرقَهُم على حساب الأهم، كلّ مُيسّر لما خُلق له، هذا أصل لتفسير بعض المواقف والمواقع التي يقف فيها بعض الأشخاص و"يَقعُ" فيها -للأسف- آخرون، وتفاجئ البعض منا، ولكنه أيضا أصل في تحديد الوجهة ودائرة التدافع التي ينبغي أن يسلكها البعض منا ممن شملته دائرة الحق الواسعة.
فتخيّروا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق