الاثنين، 25 أبريل 2011

خواطر"زيارة رئيس"...


المدينة الساحلية بهدوئها وبردها وهي مستلقية على ضفاف المحيط، تتحسس من القادمين إليها من يوقظها من نعاسها الطويل ...كانت في مساء السبت 23 أبريل 2011على موعد مع لحظات حفرت عميقا في التاريخ وامتدت طويلا في الوجدان ،طول سكة القطار ...
ليس من عادتي الحديث عن "الأشخاص" إلا حين يسطرون أصدق وأنبل مافي الإنسان فيأخذون بمجامع القلوب والعقول والأسماع والأبصار ويواصلون رحلة الإمتاع...ليست المرة الأولى التي ألتقي فيها "محمد جميل منصور" وليست الأولى التي أستمع إليه فيها أوأسمع عنه،ولكنها كانت من المرات النادرة التي تتقاسمني فيها الأحاسيس وتتدافعني الخواطر ويتملكني الإعجاب فأهيم  بالحروف لعلها تحمل عني بعضا من تلك المشاعر المتقدة الباحثة عن مستقر...
المناسبة باختصار كانت على هامش -عفوا- بل في عمق فعاليات المؤتمر الثاني لشبيبة الإصلاح والتنمية في مدينة نواذيبو، حين أعلن عن محاضرة بعنوان:"العمل السياسي بين الموسمية والاستمرارية" مع رئيس حزب "تواصل".
أخذت مكاني في وسط القاعة وهيأت نفسي للحدث وكانت تتوزعني رغبتان الأولى في أن أستمع بعقلي وقلبي والثانية أن يجد كل الحاضرين بمختلف أعمارهم وأفهماهم نصيبا من المحاضرة... دخل المحاضر فتوالت تعبيرات الترحيب وصخب التصفيق فأحببت لو قضت بسرعة تلك التعبيرات، فقد حبب إلي الهدوء في حضرة جلال العلم وجماله، بدأت كلمات الترحيب وتوالت أخرى... ليحين دور "الرئيس" فأخذ من اللحظة الأولى بالعقول والقلوب وأطبق صمت مهيب في المكان فلا تكاد تسمع إلا تصفيقات متوالية في ثنايا الكلام أدهشتها اللحظة فحركت الأيدي تعبيرا عنها...
كان كأنه ينتقي أطايب الكلام فجمع في حديثه ثلاثة معان ميزت خطابه كله: الأصالة والوضوح والقبول أوبتعبيرآخر:"التأصيل الشرعي" و"المنهجية المتسلسلة الواضحة" و"الكاريزمية القوية" ،أو بثلاثة أخرى:"العلم الشرعي" و"الفقه السياسي" و"الفاعلية المأثرة"...كان يستشهد من القرآن والسنة وأقوال مالك وشيخ الإسلام وابن حجر ويفصل ذلك على واقع السياسة وشأن الناس بفهم عميق ووضوح كبير...
سأل سائل عن الفرق بين الدولة المدنية والدينية فأجابه المحاضر جوابا جمع بين الفقه والسياسية والوضوح فبين أن الخلط بين المفهومين سببه عدم التفريق بين مصدر "الشرعية" و"التشريع" فالأول من حق الناس والثاني لله وحده والدولة الدينية هي تلك التي تجعل الشرعية من حق شخص أو مجموعة باسم الدين والمصطلح دخيل على الفكر السياسي الإسلامي...وانتهت بذلك في كلمات معدودة إشكالية كبيرة.
كان يتحدث عن الواقع السياسي بوضوح وأصالة تندر في رجال السياسة وكان لكل حاضر نصيب من المحاضرة فقد وجد فيها طالب العلم الشرعي قصده في وضوح التأصيل الشرعي وللمرأة جواب مقنع لهواجسها وللمثقف والطالب والسياسي والإنسان العادي لكل حظ ونصيب...
انتهت المحاضرة رسميا...ليستدرك المحاضر من جديد ويضيف قراءة لفقرة من كتاب تتحدث عن صفات الإمام العادل كان قد قرأها في طريقه إلى المدينة فأراد من الحضور أن يشاركه الفائدة وفي ذلك أن الرجل حديث عهد بالمطالعة وله سند متصل بمرجعيته الإسلامية...
انتهت المحاضرة كليا وقام الحضور إلا أن إحدى السيدات الحاضرات طلبت من المحاضر أن يختم بالدعاء فلم يفاجأ الضيف من طلب دعاء من رئيس حزب سياسي فأخذ يدعو بدعاء رباني جميل مؤثر في نهاية محاضرة سياسية وبين رجال السياسة فكان ذلك ختام أصيل يفيض بالمعاني والعبر...
جميل منصور رجل من رجالات الوطن والأمة قل له مثيل ونحن بحاجة في هذا الوطن المنهك أن نقدر رجالاته وللتقدير مستويات كثيرة...حفظ الله محمد جميل منصور وأعانه وهداه ورزقه مقام الأنبياء والصديقين والشهداء، أخذت الشمس تبتعد في أفق المحيط معلنة مراسيم احتضار النهار وودعنا ضيفنا الكريم في انتظار فرصة أخرى نظفر فيها بلقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق