الجمعة، 20 أكتوبر 2017

مقابلة

في 16 أكتوبر 2016 أجريت مقابلة مكتوبة على الفيسبوك مع أصدقاء الصفحة الكرام، حاولت فيها أن أجيب على كل الأسئلة المطروحة (23 سؤالا)، أعيد نشرها هنا من جديد، بعد شيء من الترتيب والتنظيم وحذف الأسئلة السياسية الآنية، لعل فيها فائدة.
متابعة مفيدة
المقابلة:
1. أحمد إسلم الفاضل:
أريد توضيحا حول مفهوم المياه الإقليمية؟
ج:
بوركت، المياه الإقليمية هي المياه التي تمتلك الدول حق السيطرة عليها واستغلال ثرواتها حسب القانون الدولي المنظم لمياه المحيطات والبحار.
2. الشيخ محمد:
كيف أثرت الغربة في حمود؟
ماهي الأفكار التي تأثر بها في غربته؟
ماهي الانطباعات التي صحح عن الغرب بعد معايشته؟
ج:
الغربة تجربة مفيدة في حدود،
التعايش مع أنماط ثقافية وإنسانية مختلفة يساعد في تفتح الأفق والذهن،
الغرب -ما شاهدته منه وقد لا يعكس كامل الصورة- شعب منظم مجد مشتغل بالحياة الدنيا، يستمتع بها في أقصى حدود، له الكثير من فضائل المدنية الحديثة،
تأثرت كثيرا في تجربتي المحدودة بأهمية شيئين؛ التخصص العلمي والعصامية في الحياة.
3. أحمد محمد المصطفى:
ما الجهات أو الدول الأكثر حضورا في مياهنا الإقليمية والأكبر حصصا في نصيبنا من السمك؟ وكيف ترون خطر الأساطيل الأجنبية على هذه الثروة، وخصوصا ما قيل ويقال عن الشركة الصينية؟
ج:
ترتبط موريتانيا باتفاقيات صيد مع دول عديدة، لعل من أهمها الآن الاتحاد الأوروبي والصين.
بطبيعة الحال، لكل عملية صيد تأثيرات على المخزون السمكي وعلى البيئة البحرية، خصوصا إذا لم تُحترم الإجراءات القانونية، وفي الغالب لا تُحترم نتيجة ضعف الرقابة وأحيانا غياب الاهتمام.
بالنسبة للثروة السمكية الموريتانية تنقسم إلى قسمين كبيرين؛ مخزون المياه السطحية، وهو مخزون في بعضه لا يزال قابلا للاستغلال، هذا المخزون هو الذي يستقطب أغلب الاتفاقيات نتيجة لحجم الكميات المصطادة، أكثر من 80%، ومخزون أسماك الأعماق وهذا حسب الدراسات يعاني أغلبه من فرط الاستغلال.
الشركة الصينية اتفاقيتها ليست واضحة، كما أنها تمت على مدى زمني كبير وهو ما لم يحدث قط مع الاتفاقيات الأخرى ؛ 25 سنة.
كما حصلت على رخص لصيد أسماك الأعماق!
الحصيلة الأولية غير واضحة حتى الآن.
4. محمد الأمين ولد الواقف:
ما الكتاب الذي تنصح بقراءته هذه الأيام؟
ج:
أنصح -إن حق لي ذلك- بالقراءة في أمهات الكتب وأصول العلوم.
لا يحضرني الآن اسم لكتاب محدد، لكن من تجربتي أنصح بالحذر الشديد في عملية القراءة.
5. القطب حمدي:
كيف هي ظروف الدراسة في فرنسا؟ ما هي إجراءات التسجيل؟ وكيف هي تكاليف المعيشة؟
ج:
الدراسة في فرنسا جيدة على العموم من حيث المنهج الدراسي، تختلف تكاليف الدراسة من مدينة إلى أخرى، المدن الصغيرة تكون تكاليفها أقل، وفي العموم تكاليف المعيشة والسكن غالية.
التسجيل يكون بمراسلة الجامعات الفرنسية، بعضها يمكن التسجيل عنده عن طريق الانترنت وبعضها الآخر بارسال ملف التسجيل عن طريق البريد، ابتداء من أبريل، من العوامل المساعدة على القبول، معدلات جيدة، تزكية من أستاذ في الجامعة، مستوى جيد في الفرنسية، مثلا DELF B2
وتبقى صعوبات تتعلق بالحصول على التأشيرة.
6. يحي أبو بكر:
حسب متابعتي لمنشوراتك لاحظت أنك مهتم بالبنية التحتية للبلد وتحذر من كارثة بيئة في العاصمة نواكشوط ،ماهي برأيك الخطة العملية لتفادي ذلك؟ وإذا كان الجواب يتضمن تغيير أو نقل العاصمة فأين ستكون؟
ج:
رأي الشخصي أن العاصمة انواكشوط تتهدها مخاطر كبيرة، على رأسها المخاطر البيئية، لم يكن اختبار مدينة تحت مستوى سطح البحر بكثير خيارا استراتيجيا في سياق التغيرات المناخية التي تهدد أغلب المدن الشاطئية، هذا بالإضافة إلى استخدام الحاجز الرملي الذي كان يشكل حاجزا طبيعيا في عمليات البناء وتقدم المياه المالحة، ضف لذلك مشاكل الصرف الصحي والتلوث والتوسع العمراني الأعمى...
أرى أن أهم خطوة هو التفكير في بديل عن انواكشوط وقد يكون ذلك على مدى سنوات عديدة، وكذا تعزيز اللامركزية الإدارية في الداخل، أما البقاء على الوضع الحالي فهو استثمار في الفشل يوشك أن يبلغ مداه بنتائج كارثية.
7. محمد عالى أحمد:
هل صحيح ما يتحدث عنه البعض من اختراق لمياهنا الاقليمية ؟
ما حقيقة التلوث الذي تحدثه السفن في مياهنا الاقليمية ؟ وهل هناك عناية بهذا الجانب سواء من حيث الشروط التي تمنع حدوثه أصلا وهل هناك غرامات تطبق على المخالفين.
ج:
تعاني أغلب الدول النامية من هذا المشكل، نتيجة ضعف البنية التحتية والرقابية..
وهو مشكل عالمي، يشكل تحديا كبيرا، فقد أصبح معروفا هذا المصطلح: INDNR
La pêche illicite, non déclarée et non réglementée.
وهذا التعريف يشمل الكميات المصطادة التي لم يتم تسجيلها، أو تم التصريح بها بشكل جزئي، كما يشمل الصّيد في المناطق المحظورة سواء نتيجة قربها من الشاطئ حيث التنوع الإحيائي الأهم، أو لقربها من المحميات البحرية التي تشكل موئلا لتكاثر الأنواع البحرية، كذلك استخدام آليات صيد غير قانونية...الخ
في موريتانيا يتولى خفر السواحل-مندوبية رقابة الصيد سابقا- هذه المهمة، عن طريق مراقبة السفن التي تدخل المياه الموريتانية، بواسطة نظام مراقبة يحدد مكان السفن بشكل دائم، كذلك إرسال مراقبين علميين على متن هذه السفن لتسجيل المخالفات التي تتم وإبلاغ خفر السواحل لوضع غرامات مالية،
لكن نتيجة عدة عوامل تبقى الرقابة ضعيفة، مثلا غياب البنية التحتية القادرة على استقبال كميات الصيد وحفظها بشكل جيد حتى يتم تصديرها، فهذا عامل مهم يساعد في معرفة ماتم صيده بالتحديد، كذلك طول الشواطئ الموريتانية، وغياب الوازع الأخلاقي والحس الوطني لدى بعض المراقبين العلميين، زد على ذلك مشكلة الصيد الجانبي أو العرضي، أي اصطياد أسماك بشكل غير مقصود، أي تلك التي لم تكن داخلة في رخصة الصيد نتيجة ضعف الانتقائية لدى آليات وشباك الصيد المستخدمة la sélectivité des engins de pêche
..كل ذلك يجعل من مهمة المراقبة عملية صعبة.
مع ذلك شهد الاتفاق الأخير مع الاتحاد الأوروبي تحسنا في هذا الجانب وذلك بإلزام السفن الأوربية إفراغ حمولتها في المياه الموريتانية، وهو ما سيساعد في ضبط الكميات المصطادة.
8. عبد الودود حدو:
بماذا تنصح من يجد صعوبة بالغة في المطالعة وخاصة مايتعلق منها في تخصصه... من هو في الحقيقة مصاب "بالحول "..أي انه مستعد لأن يقرأ رواية بالفرنسية من 300 صفحة..ولا يستطيع إكمال ورقات من أحد دروسه.
ج:
دراسة الكبار أمر صعب ليس بالسهل، فللدراسة زمنها،
من أهم ما يعين على ذلك خلق أجواء خاصة للدراسة، كاختيار من يعين على ذلك، ممن لهم الحماس والعاطفة والجد من زملاء الدراسة للدراسة معهم.
وأهم شيء في رأيي لمقاومة الملل، أو ما تسميه "الحول" الدراسي، هو المراجعة الفورية؛ أي تلك التي تتم في 24 ساعة الموالية للدرس، فهي مفيدة جدا جدا، بعد ذلك يمكن الاستمتاع بالروايات.
9. محمد ولد الشيخ:
ما هو أطرف موقف تعرضتم له في مشواركم الدراسي وحياتكم المهنية؟؟
ج:
لعل هذا من المواقف الطريفة؛
أثناء حصة من حصص أستاذ مادة "فنيات التعبير" Techniques d'expression وهو يشرح فنيات الإلقاء لاحظ أنني أبتسم كثيرا، سألني لماذا؟ قلت له: أنا أستاذ محاضر في فنيات الإلقاء وقدمتُ عدة دورات في هذا المجال لبعض الجمعيات الشبابية،قال لي: ممتاز، إذن ستقدم أنت الدرس للطلاب وأنا سأجلس مكانك لاستمع كواحد من الطلاب، في الحقيقة فاجأني هذا المقترح وحاولت أن أعتذر، فقلت له: لكنني لا أستطيع أن أحاضر باللغة الفرنسية، إذا أردتم أن أقدم الدورة باللغة العربية يمكن أن أفعل، قلتها له وأنا أضمر التخلص من مقترحه المحرج، لكن الأستاذ أصر على مقترحه وقال لي: هذا ممتاز أيضا ستكون تجربة مفيدة في فنيات الإلقاء أن نستمع إلى شرحك بلغة لا نفهما،وشجعه زملائي الطلاب على ذلك، لم يعد أمامي إلا أن آخذ جرعة من الشجاعة وأقف أمام الأستاذ والطلاب لأشرح فنيات الإلقاء، حاولت في البداية أن أخلط بين الفرنسية والعربية حتى يفهموا، لكن الأستاذ اعترض وقال لي: تحدث فقط باللغة العربية،ثم أردف: قم بمحو كل ما كتبته أنا باللغة الفرنسية، اتجهت إلى السبورة ومحوت ما كتبه الأستاذ باللغة الفرنسية وبدأت أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، اليوم:الخميس 23 أكتوبر 2014، المادة: فنيات الإلقاء، وبدأت بالشرح كأنني أمام طلبة يتحدثون اللغة العربية، استمع الطلاب والأستاذ بإنصات حتى أنهيت، قاموا بالتصفيق بالحار، وبدأ الأستاذ والطلاب يسألونني عن مدى صحة بعض الأمور التي فهموها من حديثي وإشاراتي أثناء شرحي باللغة العربية، وكان أغلبها صحيحا،ثم عاد الأستاذ إلى حصته وأستأنف الحديث في فنيات الإلقاء.
10. محمد الطالب عيسى:
أهلا أستاذ حمود سمعتك مرة تدعو الى الهجرة بوصفك صاحب تجربة فى الغربة عن الوطن ماهي الفوائد الملموسة من الهجرة حسب تجربتكم وهل يدخل فى ذلك (هجرة الموطن الاصلى الداخلى ههه والفهم)
ج:
الهجرة في رأيي محطة أساسية في حياة المسلم، ولعلها السّمة التي تجمع أغلب الأنبياء والمصلحين على مر التاريخ..
ما أدعو له هو الهجرة المؤقتة بهدف علمي أو مادي ثم العودة للوطن.
للهجرة فوائد علمية ومادية وثقافية وإنسانية عديدة..
11. خالد ديه:
أهم 10 أمور أو أشياء - متعلقة بالحياة ككل - تنصح بها طالب جامعي حسب تجربتك وشكرا على اتاحة مثل هذه الفرص تحياتي.
ج:
من أهم الأمور في رأيي؛
تحديد هدف من الدراسة في البدأ، يمكن تعديله بعد ذلك لكن كلفة تحديد الأهداف متأخرا كلفة كبيرة...
التخصص؛ ليس فقط باختيار تخصص دراسي بل بتحقيق معنى ذلك علميا، عن طريق إتقان شيء معين.
الزواج؛ معين على الاستقرار الذهني والنفسي للطالب.
أخيرا من أهم الأمور المعينة على النجاح والسعادة في الحياة بشكل عام؛
الصبر والاستقامة،الاستقامة الدينية والدنيوية.
12. بوها عبد الرحمن:
السؤال : هل ثروتنا السمكية ءائلة للانقراض؟
أم أننا سنشهد أعواما من النهب لهذه الثروة؟
ج:
الثروات الطبيعية في العالم تشهد تناقصا والثروة السمكية من أكثر الثروات التي تعاني، بعض الباحثين يتحدثون عن بحر بلا أسماك بعد 30 سنة!
الثروة السمكية الموريتانية ليست استثناء، ويختلف ذلك من نوع إلى آخر.
هناك بدائل عن الثروة السمكية الطبيعية، ما يعرف اليوم بتربية الأحياء المائية aquaculture
أي بتعبير آخر غير دقيق "زراعة" الأسماك لسد النقص الحاصل، وقد تجاوز ناتج تربية الأحياء المائية الموجه للاستهلاك البشري ما يتم الحصول عليه عن طريق الصيد البحري الطبيعي حسب آخر تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة FAO.
13. د. الشيخ أحمد البان:
حياك الله الفاضل حمود، ما هي الوسائل المتخذة للحفاظ على الثروة السمكية؟
ج:
الحفاظ على الثروة السمكية يتم تحديد طرقه وآلياته في سياسات الدولة المتعلقة بالصيد،
من أهم ذلك؛ الجوانب العلمية المتعلقة بتحديد قدرات المخزون السمكي، عن طريق تحديد ثلاث مستويات من الاستغلال لكل نوع أو مجموعة من الأنواع السمكية، أنواع غير مستغلة بالشكل الكافي، أنواع مستغلة بشكل كامل، أنواع تعاني فرط الاستغلال، بناء على ذلك يتم إعطاء رخص الصيد(نظريا طبعا).
كما أن هناك إجراءات تتعلق بتحديد مناطق الصيد؛ مناطق خاصة بالصيد التقليدي وأخرى للصيد الصناعي، و 20 ميلا من الشاطئ يحظر فيها الصيد.
إجراءات رقابية تتعلق بآليات الصيد؛ مثلا؛ تحديد عيون الشباك الخاصة بكل نوع، ومراقبة السفن المبحرة في المياه، وهناك أيضا نظام الحصص المطبق حديثا في آخر استراتيجية لقطاع الصيد 2015-2019 أي تحديد حجم الكميات المصطادة لكل أسطول، هناك أيضا الإجراءات البيولوجية والبيئية كالمحميات البحرية ومناطق الصيد المحظورة، وتوقيف الصيد فترة معينة من السنة لحماية أنواع محددة تعاني فرط استغلال، كالاخطبوط مثلا...
هذا على المستوى النظري، أما عمليا وهل يتم بالشكل الكافي فحديث آخر.
14. محمد محمود عبد الله: كلمة عن الحياة؟
ج:
الحياة معقدة وبسيطة في آن، من انتبه للمعنيين فهمها، ومن رآها في جانب واحد جانبه الفهم، والفهم أصل الحياة الكريمة.
15. عزيز الشيخ: كيف يتمكن الشباب من إدارة البلد؟
ج:
بالاهتمام أولا بالشأن العام وتنمية روح العمل الجماعي والإسهام بجهد عملي والخروج من السلبية الغالبة.
16. أحمد إسحاق:
ماذا تعني لك الغربة؟
ج:
الغربة شديدة ولكنها مفيدة، طبعا في حدود.
17. خالد الفاظل:
هل للإيدولوجيا تأثير على الموهبة،أرشيفكم في بواكير الشباب من الكتابة كان ممتعا ورحبا لكن بعد ذلك صار في اتجاه واحد، ما السبب؟
ج:
ربما، الأيديولوجيا قناعات وأفكار، تخدمها القدرات والمواهب، من الطبيعي أن الكتابة تذهب في ذلك الاتجاه.
مع أني لا الحظ ملاحظتك، قد يكون هناك نضج وتخصص في الكتابة.
محمد الحافظ ولد لحبيب: ما هي الأسباب المعينة على الاجتهاد الدراسي؟
ج:
من ذلك؛
اختيار تخصص تحبه،
مصادقة أهل الجد والمثابرة،
18. خالد محمدن:
كيف يمكن لموريتانيا أن تستفيد من ثروتها البحرية؟ وهل يمكن لـ SMCP إذا نفخت فيها أن تستغل وتسوق الموارد البحرية للبلاد؟
ج:
تمتلك موريتانيا ثروة بحرية حية معتبرة، وما يقال عادة من أن الشواطئ الموريتانية من أغنى شواطئ العالم بالأسماك حقيقية معروفة ومتداولة في المنشورات والدراسات العلمية، ليس مبالغة كالقول أنها بلد المليون شاعر مثلا.
الاستفادة من هذه الثروة والخيرات مرهون باتباع سياسة سليمة ورشيدة تحمي الموارد وتدمج أكثر هذا القطاع في الاقتصاد الوطني ،
بالنسبة ل SMCP يمكن أن تقوم بذلك الدور إذا توفرت الإرادة والبنية التحتية، كما يمكن أيضا تثمين المنتوج السمكي الذي يصدر خاما حتى الآن.
19. محمد محمود الشيخ:
أهلا بكم استاذي الكريم ..... كيف تقيمون الأجيال الشابة اليوم ( مالذي ينقصها و مالذي عليها أن تضعه أولوية ؟ ..... أيضا ماذا عن ذائقتكم الشعرية ؟
ج:
هذا من الأسئلة الكبيرة، لا أملك له جوابا في الحقيقة ، فقط بعض الملاحظات..
في موريتانيا مثلا، أرى أن الشباب لا ينقصه الذكاء ولا الوعي النظري، لكن عمليا اداؤه ضعيف ومتردد، ولهذا أسباب وعوامل كثيرة.
أهم شيء يضعه الشاب أولوية له في هذا العصر -في رأيي- هو التعلم وإتقان شيء ما، لا مجرد دراسته أو تعلمه، وأن يكون له جهد واسهام على أرض الواقع في مجال من مجالات الحياة المختلفة.
من قراء المتنبي ومن معجبيه، إذا وجدت ديوانه لا التفت إلى غيره.
أمضيت سنتين في الغربة ليس لي من كتاب ورقي بالعربية سوى ديوان المتنبي!
ودع كل صوت غير صوتي فإنني.. أنا الطائر المحكي والآخر الصدى.
20. محمد لغظف ولد أحمد:
عالميا، أيتهما تفوق الأخرى في الاستخدام والأهمية، الفرنسية أم العربية ؟
ج:
من حيث الاستخدام ليست لدي معلومات إحصائية في هذا المجال.
من حيث الأهمية، عادة اللغة تأخذ أهميتها من قوة وحضور متحدثيها.
21. علي با:
أستاذ حمود المشاهد للساحة الثقافية الموريتانية يقول بأن جميع الأندية والجمعيات عنصرية حتى المتبنية للفكرة الإسلامية منها أريد حلا لهذه المشكلة؟
ج:
مشكلة كبيرة
هناك هوة بين مكونات المجتمع، حاضرة بقوة في التعبيرات الثقافية،
تحتاج وقفة خاصة.
22. حميدة محمد الشيخ:
اهلا بيك اخي فاضل عندي سؤال ...بماذا تنصح من يريد ان يتقن لغه معينه ؟....وتحياتي لك.
ج:
هذا سؤال يناسب المتخصصين، ولست قطعا منهم.
لكن؛
بشكل عام هناك الكثير من الطرق لتعلم اللغات، لعل من اهمها تلك التي تحاكي تعلم الأطفال للغاتهم الأم، أي الطريقة التي تقترب من الحالة الطبيعية.
وذلك عن طريق تنويع وتكثيف وسائط التعلم كالاستماع، المشاهدة،الحفظ..
من المهم التنبه أيضا إلى أن معرفة لغة ما هو نتاج جهد تراكمي، أي أن الزمن جزء طبيعي من نجاعة الطريقة.
23. سيدأحمد ولدالخليل:
سؤال أوجهه نيابة عن غيري...
ماهي أهم التوصيات التي توجهونها للمقبلين على الحياة الإجتماعية(الزواج)؟
أما أسئلتي فسأوجهها لاحقا...
ج:
الزواج من أهم مشاريع الحياة، والعناية بأموره ضرورة.
من أهم الأمور؛
إحسان الاختيار وإعطائه الوقت الكافي، والغالب أن هناك عاملان اثنان يتحكمان في المقبل على الزواج ويسوقانه سوقا؛
العقل والقلب، أقصد بالعقل الظروف والشروط العملية، كالتقارب الاجتماعي والثقافي والمادي وحتى الجغرافي، أما القلب فاقصد به الجوانب العاطفية في الأمر،
من المهم هنا تقديم العقل على القلب لأن القلب حين يتحكم يصعب مع ذلك رؤية الأمور على حقيقتها، لذلك من الأساسي دراسة الخيار دراسة "عقلية" حتى إذا تبين أنه مناسب يكون التمادي في الأمور القلبية.وغالبا ما يكون فشل الزواج ناتجا عن التمادي في خيارات قلبية محضة دون النظر الى الأبعاد الأخرى.
عدم إطالة الخطبة فاضرار ذلك بادية، لكن في المقابل إعطاء الوقت الكافي لاحسان الاختيار ودراسة الأمر، وإذا عزمت فتوكل على الله.
التقارب من أهم العوامل المعينة على نجاح الزواج، التقارب الاجتماعي والعلمي والثقافي والمادي والجغرافي.
الصدق والوضوح من أول الأمر فما بُنيّ على خديعة أو غموض لن يُعمّر.
الصبر وتحمل المسؤوليات، فإن الزواج يحتاج ذلك أكثر من غيره والحياة اليوم صعبة ومعقدة ولم تعد بتلك السهولة والبساطة.
الاختيار الواقعي لا الافتراضي، فالافتراضي لا يعطي حقيقة الأشخاص، قد يكون سببا من الأسباب لكن لا بد من معرفة الشخص ومحيطه وتقاليد أهله في الحياة الزوجية.
التخطيط مفيد ما لم يتحول إلى عائق.
أن يشق طريقه في مواجهة الحياة من أول يوم من الزواح، مستقلا ببيته وشؤونه الخاصة وأن يتحمل مسؤولية ذلك.
وبالله التوفيق

الجمعة، 13 يناير 2017

انواذيبُ تريد أن تتنفس !

لا نعمة تكافئ تنفس الهواء الطّلق بلا منّة من أحد، ولا شيء أجمل من استنشاق ذلك الهواء النقي والاستبشار بالتيارات البحرية الباردة كلّ أصيل، كان هذا حال ساكنة انواذيبُ الذي يحسدون عليه.
لم يكن في المدينة من شيء مغر بالحياة والبقاء أكثرَ من حسنات هذ المناخ اللطيف؛ المناخ الذي شكل الاستثناء الجميل في بيئة جافة حارّة مغبرة، لكن الحال تبدل وتغير بعد مجيء مصانع مسحوق وزيت الأسماك، تلك المصانع حوّلت هواء المدينة العليل إلى رائحة كريهة تملأ المكان وتزكم الأنوف، نظرا لما تنفثه هذه المصانع من أدخنة وروائح نتنة تضرّر منها سكان المدينة أكبر الضّرر، كأنما هي عقوبة جماعية لآلاف المواطنين في أعز وأغلى ما يملكون: أكسجين الحياة.
أريد أن أتنفس، أصبح هذا مطلب الآلاف في هذه المدينة، بل إن لسان حال المدينة كلّها بات يلهج بشفقة: أريد أن أتنفس، فهل إلى خلاص من سبيل؟
لماذا مصانع مسحوق وزيت الأسماك؟
لعل هذا هو السؤال الكبير الذي يتبادر إلى أذهان كثيرين منا حين الحديث عن مصانع مسحوق وزيت الأسماك، المعروفة محليا ب "موكا"..
بدأت هذه الصناعات التحويلية لإنتاج مسحوق وزيت الأسماك منذ خمسينيات القرن الماضي، لتشهد بعد ذلك تطورا كبيرا ابتداء من تسعينيات القرن الماضي، يتم انتاج مسحوق السمك انطلاقا من تجفيف وطحن الأسماك الكاملة أو مخلفات الأسماك التي يتم استبعادها أثناء عمليات تصنيع وحفظ وتعليب الأسماك الموجهة للاستهلاك البشري.
يُستخدم مسحوق الأسماك في الأعلاف الحيوانية وكذا بشكل متزايد في تربية الأحياء المائية Aquaculture، ويعتبر مسحوق السمك مادة غنية بالبروتين والأحماض الأمينية والدهون، تتراوح نسبة البروتين من 60 إلى 70 في المائة، وكلما زادت النسبة كلما كانت النوعية جيدة وزاد سعرها، ونظرا للنمو الكبير لقطاع تربية الأحياء المائية عالميا كبديل استراتيجي للصيد الطبيعي في سياق نفاذ المخزونات السمكية، فإن الطلب زاد على هذه المادة في السنوات الأخيرة مما زاد من أسعارها وأغرى كثيرين بالاستثمار في هذا المجال، ومن المهم هنا التذكير بأنه من أجل انتاج طن واحد من مسحوق الأسماك فلا بد من خمسة أطنان من الأسماك، وهو ما يشكل بطبيعة الحال عبئا إضافيا على المخزونات السمكية، خصوصا تلك التي تعاني فرط استغلال.
في انواذيبُ نمت المصانعُ كالفطر...
تم إنشاء أول مصنع لإنتاج مسحوق وزيت الأسماك في انواذيبُ سنة 2005 ، بعد ذلك شهدت هذه المصانع نموا متسارعا جدا، حيث انتقل العدد من مصنع واحد سنة 2005 إلى 43 مصنعا حتى نهاية دجمبر 2014، 25 منها تعمل الآن والبقية لديها رخص للعمل وهي في طريقها لذلك، (IMROP,2014) وهذا رقم كبير على المستوى العالمي، جعل من موريتانيا تحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث عدد مصانع مسحوق وزيت الأسماك بعد البيرو، متقدمة على الصين، عملاقي الإنتاج السمكي في العالم !
يجد هذا العدد الكبير أحد تفسيراته على المستوى العالمي في ظل تراجع إنتاج مسحوق وزيت الأسماك عالميا الملاحظ منذ 2005 ، نتيجة التأثر بالتقلبات البيئية، خصوصا ظاهرة النينو التي تؤثر على مصايد أنشوجة البيرو، إحدى أهم الأسماك عالميا المستخدمة في انتاج مسحوق وزيت الأسماك، في حين استمر الطلب الاجمالي على هذه المادة في الازدياد مما دفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها التاريخية المسجلة أواخر العام 2014، حيث وصل السعر إلى 1900 دولار لطن مسحوق الأسماك (FAO,2016).
حسب بعض الإحصائيات العلمية للمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد على معطيات سنة 2013 فإن مصانع مسحوق وزيت الأسماك النشطة في موريتانيا، استخدمت 303375 طن من الأسماك، أساسا أسماك السردين Sardinella وسمكة الأوبو Ethmalosa fimbriata لإنتاج 63600 طن من مسحوق السمك و 18200 طن من زيت السمك، نسبة 93% من الإنتاج تمت في مصانع انواذيبُ.
باعتبار معدل سعر الطن عالميا، حسب معطيات FAO، والذي وصل إلى 1771 دولار أمريكي لطن مسحوق الأسماك نهاية 2014، فإن هذه المصانع سجلت رقما ماليا يقدر ب 114 مليون دولار تقريبا، أي حوالي 40 مليار من الأوقية، هذا دون حساب العائد المادي لزيت الأسماك، ولعل في ذلك سببا آخر قويا لتفسير الطفرة الكبيرة في إنشاء هذه المصانع، حولي 50 في المائة من هذه الصادرات تصدر إلى روسيا.
عبر من التجربة المغربية..
في تقرير لرحلة علمية نظمتها وزارة الصيد والاقتصاد البحري سنة 2012 للاطلاع على التجربة المغربية في مجال صناعة مسحوق وزيت الأسماك -وهي تجربة رائدة في هذا المجال تمتد لأكثر من ثمانين سنة، جعلت من مصانع مسحوق وزيت الأسماك المغربية الأولى التي حصلت على شهادات الجودة ISO حتى قبل الصين والبيرو، أكبر منتجي الأسماك في العالم- يُظهر التقرير أن أهم دروس التجربة المغربية كان في التركيز على النوعية بدل الكمية، مع تطبيق صارم للنظم البيئية ومعايير الجودة، مصداق ذلك أنه منذ 1998 لم يتم استصدار أي رخصة جديدة لهذه المصانع في المغرب، رغم أهميتها ودورها الكبير في قطاع الصيد هناك، كما أن هذه المصانع توجد كلها في حيّ صناعي بعيدا من المناطق السكنية، وهو ما يعني إبعاد خطر الروائح الكريهة والأضرار البيئية الأخرى المؤثرة على حياة وصحة الإنسان.
من الأهداف المُعلنة في استراتيجية قطاع الصيد في موريتانيا من 2015-2019 : تشجيع الصناعات التحويلية للأسماك، خصوصا تلك التي تستهدف أسماك السطح الصغيرة الموجودة بكميات كبيرة في موريتانيا، غير أن هذا التسارع غير المنظم في مصانع مسحوق وزيت السمك طرح مشاكل بيئية كبيرة، ليس أقلها ضررا تحويل حياة سكان انواذيبُ إلى جحيم نتيجة الكميات الهائلة من الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المصانع، وذلك نظرا لغياب أجهزة تنقية الأدخنة المنبعثة من أغلب المصانع، أو وجودها في حالة رديئة في البقية الأخرى، هذا بالإضافة للآثار البيئة الأخرى على المياه والصحة العمومية، حيث يظهر أن هذه المصانع لم تتقيد فيما يبدو بما نص عليه المرسوم رقم 105 الصادر 2007 والمتعلق بدراسة الأثر البيئي لهذه المصانع وضرورة الالتزام بالنظم والإجراءات المنصوص عليها.
صحيح أن الوزارة المعنية بدأت في التنبه لهذه المصانع، خصوصا فيما يتعلق بالكميات الكبيرة من أسماك السطح الصغيرة الموجه لهذه المصانع، واعتبرت الوزارة في نص الاستراتيجية أن "التطور المذهل في مصانع دقيق السمك شكل -بدون شك- أحد أبرز الأحداث التي طبعت تاريخ قطاع الصيد البحري في موريتانيا" ففي تعميم صادر من الوزارة 15 فبراير 2016 تم تحديد حصة سنوية تقدر ب 10000 طن من الأسماك الكاملة الموجهة لصناعة مسحوق وزيت الأسماك، وسيتم نقص هذه الكمية بمعدل 15 % كل سنة خلال السنوات الأربع للاستراتيجية، ويعتبر هذا إجراء مهما إذا ما تم الالتزام به، غير أنّ إجراءات الرقابة والتنظيم بشكل عام لاتزال غير كافية للحد من الآثار السلبية لهذه المصانع على البيئة والصحة العمومية.
ختاما، لقد أصبح من الضروري أن يتم التعامل بشكل صارم مع هذه المصانع للتخفيف من أضرارها البيّنة على البيئة والإنسان وعلى المخزون السمكي، والعمل على إيجاد مصانع صديقة للبيئة، لا تسبب الضرر لسكان المدينة، جراء روائح نتنة تلبد سماء المدينة، تسببت -حسب بعض المواطنين- في ظهور بعض الحساسيات وضيق للتنفس وأعراض أخرى قد تكون لها آثارها الخطيرة على المستوى البعيد على صحة الإنسان، في سبيل ذلك هذه بعض المقترحات الأولية:
نقل جميع المصانع التي تعمل حاليا إلى منطقة بعيدة من الأحياء السكنية لتجنب خطر الروائح الكريهة وما تسببه من ضرر بيّن أصبح يؤرق ساكنة المدينة،
منع التراخيص لأي مصنع جديد والتركيز على الانتاج النوعي بدل الكمي
 التطبيق الصارم لنظم السلامة البيئية على هذه المصانع، وذلك بإلزامها تركيب أجهزة فعالة وجديدة لمعالجة الأدخنة المنبعثة وتنقيتها من الرواح الكريهة.
في انتظار أن يتم شيء من ذلك، سيواصل آلاف المواطنون في مدينة انواذيبُ -غصبا عنهم- حصّة العذاب الجماعي مع كل يوم تشرق فيه شمس المدينة، استنشاقا لروائح نتنة كريهة، لا لذنب اقترفوه، سوى أن الله حبا أرضهم بثروات سمكية ومناخ جميل، ليكون حظهم من كل ذلك عذابا في النهار وآخر أشد من ذلك في الليل، فهل من تدارك؟